بالجامعة الإسلامية، وقد جاء الكتاب رائداً في بابه، وركيزة أولى في منهجيته، تظهر من خلاله محاسن كتابة السيرة على نهج حديثي.
وذلك أن المؤلف جمع فيه مرويات هذه الغزوة وخرجها تخريجاً حديثياً جامعاً، وتكلم على أسانيدها قبولاً ورداً، وأبعد عن دائرة اهتمامه ما رأى أنه لا ينسجم مع موازين المحدثين في قبول الأخبار.
واهتم اهتماماً بالغاً بالأحكام الفقهية التي تستنبط من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة، مقتدياً في هذا بالإمام ابن القيم - رحمه الله - في كتابه (زاد المعاد) فجاء كتاباً من كتب (فقه السيرة) على وجه أخص من الطريقة التي سلكها كُتّاب (فقه السيرة) في عصرنا، فإنهم يتعرضون - أيضاً - لفقه السيرة بمعنى دروسها وعظاتها. أما كتابنا هذا فهو مقتصر على فقه السيرة بمعنى الأحكام الشرعية المستفادة منها.
فالقارئ فيه ينتقل بين علم السيرة والحديث رواية ودراية، وبين الفقه ومذاهب العلماء، مع الاستدلال لها والمناقشة والحوار، وبين الدخول في غمرة جزئيات من علم النسب والبلدانيات.
والأمل بالله تعالى أن يكون هذا الكتاب له ما بعده من قبل مؤلفه - جزاه الله خيراً - ومن قبل غيره من ذوي الاختصاص والغيرة على تاريخ الإسلام عامة، وسيرة نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام خاصة، وأن يوفقنا للقيام بأعباء نشر هذه الخدمات وغيرها من تراث الإسلام - الذي يعني المجلس العلي بالجامعة الإسلامية باختيار نفائسه ونشرها وقد أصدر حتى الآن الكتب التالية:
١- كتاب الإيمان للحافظ ابن مندة بتحقيق فضيلة الدكتور علي ناصر فقيه.
٢- كتاب أزواج النبي لمحمد بن الحسن بن زَبالة بتحقيق فضيلة الدكتور أكرم العمري.