عنه علم الحديث بعد أن جهد كثيراً في الوصول إلى مدرسة الإمام أحمد، ولازمه مدة طويلة تقدر بعشرين عاماً ابتداء من ٢٢١هـ حتى وفاة الإمام أحمد بن حنبل عام ٢٤١هـ فهو من جلة أصحاب الإمام بن حنبل رحمه الله.
فال الخطيب:"ان إماماً في العلم رأساً في الزهد عارفاً بالفقه بصيراً بالأحكام حافظاً للحديث، مميزاً لعلله، قيماً بالأدب جماعاً للغة".وله مؤلفات كثيرة مبسوطة في تراجمه.
وقد كان هذا الإمام يقاس بالإمام أحمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه، كما قال ذلك الدارقطني رحمه الله، وكفى بذلك دلالة على عظمة هذا الإمام١.
وكتابه هذا الذي رجعت إليه من أهم الكتب التي ضبطت على وجه التحديد الأماكن التاريخية من الوجهة الجغرافية؛ فهو يتحدث عن الأماكن التي وقعت فيها أحداث تاريخية، حديثاً موثوقاً به، عن رواة عالمين بهذه الأماكن حديثي عهد بها، ولذلك عد هذا الكتاب مصححاً لكثير من الأخطاء التي وقع فيها الذين عنوا بالكتابة في تحديد الأماكن ومعالم الجزيرة، كما اعتبر وثيقة تاريخية في بابه، لما يشتمل عليه من المادة العلمية الغزيرة، المتعلقة بموضوعه، وهي مادة غنية بالوصف الدقيق والتحديد المميز لمعالم الجزيرة، مما أفادني فائدة عظيمة في توضيح الأماكن التاريخية الواردة في موضوع الرسالة.
٢-ويتصل بهذا الجانب الجغرافي كتاب (معجم البلدان) لمؤلفه شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي، وهو من المراجع الهامة التي رجعت إليها في توضيح وتحديد الأماكن ذات الأحداث والوقائع التاريخية المتصلة بموضوعي، والكتاب المذكور من أعظم الكتب التي عنيت بتحديد المواقع الجغرافية والبلدان الإسلامية، وقد كان مؤلفه كثير الرحلات والتنقلات مما
١ راجع تذكرة الحفاظ للذهبي ٢/٥٨٤، وموارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد لأكرم العمري ص ٣٥٧