للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التصديق. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل، أي: يُجري الله على يديه الأفعال الخارقة للعادة، وهي المعجزات، وهذه المعجزات هي التي تقول: إن هذا نبي، هذا رسول، وهذا هو الدليل. وماذا يعني يا بودلي أن يعطي الرسول صلى الله عليه وسلم أبا قتادة ابن النعمان عرجوناً ويقول له: "خذ هذا العرجون، فتحصن به، فإنك إذا خرجت أضاء لك عشراً أمامك وعشراً خلفك"، قال: فخرجت، فأضاء لي العرجون مثل الشمعة.. القصة (١) .

فهل بالضرورة أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي قتادة: هذه معجزتي إليك، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم ما أيده الله به، فأراد أن يحل لصاحبه مشكلة ظلمة الليل بفعل معجز لا يقع إلا على يد نبي مؤيد بالآيات من الله؟

وفوق هذا كله فإن معجزة الإسلام الخالدة التي تحدى بها العرب، أهل الفصاحة والبلاغة والبيان، هو القرآن الكريم نفسه (٢) ، كما في قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء: ٨٨] . وقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [هود: ١٣] . وقوله تعالى:


(١) انظرها في: أبو نعيم: دلائل النبوة (٢/٥٦٢/رقم ٥٠٥) ؛ الطبراني: المعجم الكبير (١٩/١٤) ؛ الهيثمي: مجمع الزوائد (٩/٣١٩) ، وقال: رواه أحمد والطبراني والبزار، ورجاله رجال الصحيح، انظر أحمد: المسند (٣/٦٥) ، ضمن حديث طويل، بعضه صحيح وبعضه حسن، كما قال محققو الموسوعة الحديثية -المسند (١٨/ح١١٦٢٤) . وقصة قتادة والعرجون رواها ابن خزيمة في صحيحه (١٦٦٠) ، كما قالوا.
(٢) انظر كتابنا: السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، ط٢، ج٢.

<<  <   >  >>