يبدا الكتاب بذكر القراء الثّمانية في الأمصار الخمسة، وأنّه يشتمل على ست عشرة رواية عن كلّ قارئ منهم روايتان، فيبدأ بالقارئ الأول وهو نافع رواية قالون وورش، والثّاني قارئ مكة ابن كثير الدّاري رواية قنبل والبزّي، والثّالث قارئ الشّام ابن عامر اليحصبي رواية ابن ذكوان وهشام، والرابع عاصم بن أبي النّجود رواية أبي بكر وحفص، والخامس حمزة رواية خلف وخلّاد، والسادس الكسائي رواية أبي عمر الدّوري وأبي الحارث المروزي، والسابع أبو عمرو بن العلاء رواية اليزيدي وشجاع، والثامن يعقوب الحضرمي رواية رويس وروح.
ثم يبدأ المؤلف برسم الخطوط العريضة للمنهج الذي يسير عليه في هذا الكتاب فيقول في مقدمة كتابه:«وعرّيته من العلل وكثرة الرّوايات ولم أذكر عنهم فيه كثيرا من أخبارهم وحكاياتهم وسيرهم، إذ قد ذكرت ذلك في المصنّفات الكبار فمن أرادها فليطلبها من تلك يجدها على نهاية الشّرح والبيان إن شاء الله».
فميزة الكتاب إذن الإيجاز والاختصار، وليس من شأنه أن يذكر العلل والأخبار، فحجم هذا الكتاب لا يحتمل ذلك، فمن أراد التوسّع فإنّ للمؤلف كتبا أخرى تفي بذلك الغرض نحو كتابي:«الإيضاح» و «الاتضاح» كما سيذكره فيما بعد «١».
ويحاول المؤلف أن يترجم لكلّ قارئ من هؤلاء القراء الثّمانية ورواتهم على وجه يتوخّى في ذلك الإيجاز والاختصار، كما أنّه يتوخّى البيان والإفهام، ثم يوضّح لنا منهجه أكثر تفصيلا فيقول:«وكلّ ما يكثر دوره من حروف القرآن المختلف فيها فلكلّ أصل منه باب في كتابي هذا يشتمل على استيفائه، ولم أعد شيئا منه في مواضعه من السّور بعد ذكره في بابه إلا أحرفا يسيرة لا بدّ من إعادتها خوف الالتباس، وكلّ حرف مختلف فيه مذكور في ترجمته أسماء الأقل منهم ثم أقول والباقون بعد ذلك، إلا الياءات المحذوفات والمثبتات والمفتوحات والمسكّنات لم أجعل لها بابا، وذكرتها بشرح الاختلاف فيها معدودة في آخر كلّ سورة ليكون أبين في الفهم وأسهل في الحفظ».