للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن يجب أن نتصور بجانب ذلك، مدى اهتمام المراصد المختصة إزاء ظهور هذه الفكرة، إنهم سجلوها في الحال وأبلغوا عنها فوراً.

وعلى أثر ذلك سنرى شخصية ثانية تدخل المسرح: الاستعمار.

لقد بدأت المعركة فعلاً تزداد حرارة، بمقتضى تفاعل الرأي العام في البلاد المستعمَرة مع حوادث القاهرة، ولقد أبدى الضمير الجزائري مثلاً اهتماماً متزايداً لقضية الإصلاح الزراعي والملكية، حينما سجلتها الثورة المصرية بين أهدافها الأساسية، وكان الشعب الجزائري متحمساً لهذه القضية، ومتحمساً لها خاصة لأنها تمثل قضيته، ما دام الاستعمار قد استهدف في تخطيط سياسته الجزائرية، الاستيلاء على التراب وتحطيم طبقة الفلاحين.

هنا شعر الاستعمار بأنه أمام حالة خطيرة، إذ أنه أمام (فكرة جديدة)، وكان من الطبيعي أن يستعد لحملة عنيفة ضد تلك الفكرة.

هذه صورة موجزة من الظروف التي تكوّن فجأة فصلاً من فصول الصراع الفكري في البلاد المستعمَرة.

ومما يجب ملاحظته في هذه الأثناء، أن الصحافة (الوطنية) أي صحافة الأحزاب التي تحمل في البلاد طابع الكفاح ضد الاستعمار، كانت تتخذ إزاء هذه الحوادث موقفاً شبه حيادي، إذ لا تنتشر عنها غير الأنباء التي توزعها شركات الأنباء العالمية، التي نعلم ما لها من روابط وثيقة بالاستعمار، حتى كان من الميسور على القيادة الاستعمار ية أن تعد عدتها للهجوم في ظروف جد مواتية.

وهكذا بدأ الاستعمار فعلاً هجومه ضد فكرة الإصلاح الزراعي وتعديل الملكية؛ ولا عجب في هذا، وإنما العجب كل العجب أن يصدر هجومه الأول على أعمدة صحيفة تحمل طابع الوطنية، والجهاد ضد الاستعمار.

<<  <   >  >>