للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه الخطة التي تحوّل طبيعة المعركة لصالح الاستعمار تطبَّق بنجاح في ميدان كفاح الجماهير، كما تطبق في ميدان كفاح الفرد، فحينما تكوّن الأحداث والظروف وحدة كفاح شاملة ضد الاستعمار، نرى هذا الأخير يشرع في خلق وحدات كفاح جزئية، حتى يحدث الخلاف والتنافس بين القوى التي تقاومه، فتنحرف بذلك المعركة من معركة بين قوى الشعب المستعمَر والاستعمار إلى معركة بين القوى الشعبية ذاتها، كما وقع هذا في كوريا وفي الصين وفي الهند بعد التقسيم، وفي إندونيسيا إلى حدٍ ما.

وهذه الخطة تحقق للاستعمار هدفين:

أولاً- تحطيط من المستوى الروحي أو الأيديولوجي، الذي كانت تدور فيه المعركة ضده.

ثانياً- تشتيت القوى الموجودة في المعركة.

فأما النتيجة الأولى فإنها تنساق بطبيعة الحال: فالمعركة إذا ما فقدت طابعها بوصفها وحدة شاملة، فإنها تفقد بذلك من معنوياتها وشيئاً من قداستها في نظر الجماهير.

وهذه الملاحظة تفسر لنا ما يحدث في بعض المعارك التي لا زالت تجري تحت أعيننا اليوم.

والأمم التي لها تجربة في ميدان الكفاح السياسي تعلم أن أكبر مواقفها في التاريخ، هي المواقف التي أملاها ما يسميه العرف السياسي (الوحدة المقدسة)، مثل الوحدة التي كونتها الثورة الفرنسية (١)، للقيام في وجه الحلف الملكي الأوربي.


(١) في عهد من عهود تلك الثورة عندما تألفت الهيئة الثورية المعروفة باسم (هيئة السلم العام) ( Comité de salut public) .

<<  <   >  >>