والآن يجب أن نرتب حولها العناصر التي أدلت بها مقدمة العروة الوثقى، لندرك جيداً كيف تكوّن هذه المجموعة من المعطيات المرآة التي قدمنا إلى القارئ فكرة عن صورتها النظرية، وعن كيفية تسخيرها لحاجة الصراع الفكري.
فالعروة الوثقى بحكم صلاتها التاريخية العريقة في ذهن القارئ المسلم، تكون بالنسبة إليه مرآة مثالية، يمكن أن تعكس على فكره ما نشاء عكسه، أي أنه في إمكاننا أن نستخدمها مرآة (كف) أو مرآة حرمان، إذا ما عكسنا عليها الانطباعات والخواطر السلبية متذرعين بالمؤثرات النفسية المناسبة كما سنبين ذلك.
إنه يمكننا استخدامها مرآة كف بالنسبة إلى أفكار كتاب من الكتب، إذا ما وضعنا اسم مؤلفه أمام (المرآة) بطريقة معينة، وفي الضوء المناسب للإيحاء الذي نهف إليه.
ولا يخفى على فطنة قارئ ما توحي به عبارة ((كاتب فرنسي اعتنق الإسلام))، عندما تظهر في ضوء خاص، يسلطه مصباح مزدوج، مركب من اسمين آخرين.
فإن اسمي في المقدمة المذكورة يظهر فعلاً بين اسم الأستاذ ليوبولد فايس مؤلف كتاب (الإسلام على مفترق الطرق)، واسم حيدر بامات مؤلف كتاب (مجالي الإسلام)، والقلم الذي وضع اسمي بين هذين الاسمين، هو قلم كاتب قد تذوقت كثيراً ما نشره عن التصوف في الإسلام، وإذا ما اعترفنا لهذا الرجل من ناحية بحسن النية، فإنه يجب أن نعترف من ناحية أخرى بدقة الاستعمار الجهنمية، إذ أنه لا يستخدم أصحاب الشهوات وذوي الميول السيئة فحسب، بل يستخدم أحياناً ذوي النوايا الطيبة؛ ومعروف كيف يستغل سمعتهم الخلقية مراعاة لمبدأ الغموض في كل الظروف. فهو في المجال السياسي خاصة، يستخدم