للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنه حينما تبتدئ المعركة ضد فكرة فإن اسم صاحبها لا يستخدم كما ذكرنا إلا في توجيه النيران، ولهذا يوضع في وسط المرآة، في مركز تلاقي الأضواء، أي مركز تلاقي الإيحاءات التي يراد عكسها عليه، كي يعكسها هو بدوره على الفكرة المقصودة بالذات.

فمن المؤكد مثلاً أن القارئ في العالم الإسلامي يطلع على الكتب القيمة التي نشرها الأستاذ ليوبولد فايس، ويستفيد منها فائدة عظيمة، ولكن هذه الأفكار - لمعامل شخصي يصدر عن تاريخ صاحبها- يختلف تأثيرها في (العقل) عن تأثيرها في (الضمير)، لأنها خاضعة لذلك المعامل الذي يربطها بصاحبها، فجهود أحد المؤلفين قد يؤدي إلى إدراك الحقائق، بينما يؤدي مجهود مؤلف آخر، ويهدف في أساسه، إلى تكييف الحقائق، إذ أن الأول يقلم بعض التفسيرات للقارئ، بينما يحاول الآخر أن يوحي إليه ببعض (التغييرات) الاجتماعية.

وهذا الاختلاف، في موقف المؤلف وتأثيره الخاص، إنما يحدث في صورة الفعل الإرادي أو غير الإرادي، بمقتضى صلاته الشخصية بالوسط الذي يتوجه إليه، حيث تنعكس في أفكاره آلياً كانعكاس لحياته الشخصية فيما يكتب.

وبعبارة أخرى لا يمكن لكتابات الأستاذ ليوبولد فايس أن تقدم للوسط الإسلامي مطالب (تغييرات) معينة في منهج حياته، أي أن تقدم له نظرية تقتضي تعديلاً في السلوك الجماعي، ولا دخل لإرادته في هذا الأمر، بل لعله يحدث بصفة لا شعورية تماماً.

وحين نؤكد هذا، فنحن أبعد ما نكون عن تقويم أفكار الأستاذ ليوبولد فايس، وإنما نذكر فقط واقعاً اجتماعياً- نفسياً يتصل بالوضع الخاص بهذا المؤلف، بالنسبة إلى الأوضاع العامة في المجتمع الإسلامي.

<<  <   >  >>