ولسنا نفقد الدليل على ذلك، لو كنا في موقف التسويغ، إذ يكفينا أن نذكر القارئ بالجدل الذي دار منذ سنوات حول اسمه، وكيف أسهمت فيه مجلة كانت تصدر آنذاك بالقاهرة، فقامت بالدفاع عنه، ولقد ترجمت هذه المجادلة في الواقع المحسوس، الظاهرة التي تحلل هنا آليتها النفسية.
وما يقال عن الأستاذ ليوبولد فايس يقال مثله عن الأستاذ حيدر بامات، فإن اسمه كاتباً، يستحق تقدير القارئ دون أي شك، ولكنه قد يكون هناك انعكاس حرماني على أفكاره بسبب التعامل الشخصي الصادر عن تاريخ الرجل.
فإذا حدث أن مؤلفاً أطلق على نفسه ذلك الاسم- حيدر بامات- في ظروف معيننة، ثم أطلق على نفسه أيضاً اسم جورج ريفوار، في ظروف أخرى، فإننا ندرك ما يكون لاسم كهذا من تأثير حرماني على أفكار صاحبه، كما ندرك في الوقت نفسه، أن تلك الأفكار قد تكوّن مجموعة هامة من (التفسيرات) القيمة. دون أن يكون لها فعالية من حيث (التغييرات) الاجتماعية المنشودة.
ولعل القارئ يدرك أننا قد تجنبنا حتى الآن الاعتبارات التي تتصل بالتخطيط السياسي العام، بينما نعلم أن خطة الاستعمار ضد الأفكار تشمل جانبين، الجانب الذي يهتم بالشؤون العالمية والجانب الخاص بالبلاد المستعمَرة، كما تجنبنا عامة الخوض في السياسة، على الرغم من أن محور الموضوع هو السياسة.
فإن الفكرة لا تقاوم إلا لأنها العضو الفعال في الحياة السياسية، ولكننا مع ذلك، تجنبنا الخوض في الاعتبارات السياسية، حرصاً منا على ألا نتناول سوى الاعتبارات ذات الطابع الفكري فحسب.
فإذا وضعنا هذه الاعتبارات في محيط المرآة التي قدمنا صورتها فسندرك ما يعكسه جهاز مركب على هذا النحو، من انعكاسات حرمانية، عن الاسم الموضوع للانعكاس في تلك المرآة.