للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما يخططه الاستعمار، حتى يرتاب من يشاهدها فيصبح يتساءل: هل هي مجرد موافقات، أم هي على العكس اتفاقات تحمل طابع الصراع الفكري في أغمض صوره.

مهما يكن من أمر فليس موضوعنا دراسة هذا الجانب من المشكلة، لأنه ينبغي لنا في دراستها أن نأخذ في اعتبارنا معطيات الشخصية التقدمية وخصائصها، مما لا يدخل في سياق حديثنا، غيرأنه لا بأس في أن نذكر للقارئ بعض تفاصيل مما يمكن أن نسميه (الأدب التقدمي) دون أن ننسى مجابهته لعمليات الاضطهاد في الجزائر مثلاً، أو في إفريقيا الجنوبية.

ففي الجزائر نشهد بأن الكاتب التقدمي يقوم بالدور القيم، في فضح وحشية.

الاستعمار في البلاد المستعمرة وكشفها للرأي العام العالمي.

ولكن هذه الملاحظة لا تزيد موقف الكاتب التقدمي إلا غرابة، حينما نراه من ناحية أخرى يلتزم الصمت أمام بعض الجرائم الاستعمار ية، بينما يثيره غالباً، ما هو أقل منها، فيدهشنا موقفه في وقائع ذات دلالة: فقد رأينا مثلاً، منذ سنة، تلك الفاجعة التي عنونتها الصحافة، حتى في البلاد الربية، بـ (خطف خائن كبير في الجزائر)، وكانت بهذا النبأ، المنقول عن شركة أنباء أمريكية، تشير إلى مأساة مؤلمة وجريمة لا تغتفر، ارتكبها الاستعمار ضد فضيلة الشيخ العربي التبسي، الذي اختطفته فعلاً اليد السوداء في العاصمة الجزائرية حيث انقطعت أخباره من ذلك الحين.

ومن تتبع أنباء هذه المأساة يرى أنه قرأ في الصحافة نبأ اختطاف (الخائن الكبير) في سطرين، ثم ثلاثة أسطر للتدارك بعد أسبوع وكان التدارك مائعاً جداً، حتى إنه لم يزل الشبهات التي ألقاها في الأذهان النبأ السابق، كأنما اليد التي حررت هذا التدارك زميلة اليد التي حررت نبأ الاختطاف وزميلة اليد التي اختطفت.

<<  <   >  >>