وهكذا نرى: ثلاثة أسطر تشوه اسماً محترماً، وسطران لتدارك مريب ...
ثم يسدل الليل ظلامه مرة واحدة على مأساة هذا الشهيد الذي قام في وجه الاستعمار خلال ثلاثين سنة.
وهكذا يسود الصمت في تلك الصحافة التقدمية، ذات اليمين أو ذات الشمال، بينما هي ملأت العالم صراخاً حينما اعتقل وحوكم الكردينال (مندزانتي).
وها هو ذا رجل آخر، ذلك الصحفي هنري علاج الذي اعتقلته اليد نفسها التي اختطفت الشيخ العربي التبسي، وعذبه الجلادون أنفسهم، ولكنه لا زال حياً يرزق وينشر عن تعذيبه كتاب تذيع الصحافة التقدمية صيته في أرجاء العالم. ويبلغ طبعه في البلد الواحد- مثل بريطانيا العظمى- الملايين من النسخ، ثم تعرضه الولايات المتحدة في معرضها في موسكو خلال شهر آب سنة ١٩٥٩. وهو لكاتب شيوعي!!!
أليس لمن يتتبع هذه الأمور ببعض الاهتمام الحق في أن يتساءل: هل هذه مجرد موافقات أم هي محاولات لتحقيق أهداف معينة، أو بعبارة أخرى: هل هي اتفاقات خاصة بالصراع الفكري؟.
إن شعورنا بمأساة الرجل الذي يعتقل ويعذب واجب، ولا بد أن نحني الرؤوس أمام كل محنة إنسانية، ولكنه من واجبنا أيضاً أن نتمسك بحرية الفكر حتى أمام الموت مع خشوعنا إزاءه.
إن تفاصيل كالتي نذكرها قد تأتي في صور متنوعة في موقف الكاتب التقدمي، وفي مستويات مختلفة.
إنني أذكر ما اعتراني من العجب خلال مطالعة أخيرة- وهي دون أي شك من أفيد مطالعاتي- فقد تتبعت خطوة خطوة، فكرة الكاتب ملاحظاً فيها أكثر