للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدث مرة أن تناقلت وكالات الأنباء نبأ قالت فيه: "إن سلطان باشا الأطرش قد مات". وتسابقت الصحف المصرية في نشر هذا الخبر، عدا "الأهرام"، فلما سئل أنطون الجميل رئيس تحرير هذه الصحيفة يومئذ عن سبب ذلك أجاب بقوله متهكمًا:

"من لم يمت في الأهرام فإنه لم يمت" وبالفعل أذاعت وكالات الأنباء في اليوم التالي خبرًا قالت فيه: إن الذي توفي هو والد سلطان باشا, وليس هو سلطان باشا نفسه".

ثانيهما: ما موقف الجريدة من الخبر التاريخيّ؟ أو بعبارة أخرى: هل يصح أن تكون مادة التاريخ خبرًا مثيرًا يستحق النشر؟

والجواب في ذلك: أن التاريخ يمكن أن يكون خبرًا صحفيًّا مثيرًا في حالات خاصة، فإذا استطاعت صحيفة مصرية -في الوقت الحاضر- أن تنشر وثيقةً, أو خطبةً من خطب أحمد عرابي, لم تكن قد نشرت من قبل في كتاب من الكتب التاريخية, فإن هذه الوثيقة, أو الخطبة, تثير اهتمام القراء، وتكون لها صفة "الجدة" التي نتحدث عنها الآن.

قيل: إن مائتي صحيفة أمريكية دفعت كل منها آلاف الدولارات لكي يكون لها قبل غيرها الحق في نشر قصة للكاتب الإنجليزي "تشارلز ديكنز" كتبها في أيام صباه، ولم يسمع أحد بها من قبل.

٢- المحليّة "أو عنصر المكان"

وكل إنسان في الوجود يهتم بنفسه أولًا، ثم بالوسط المحيط به بعد ذلك، والأشياء المحيطة به تندرج عنده في الأهمية، فيلتفت من هذه الأشياء إلى الأقرب فالأقرب، بمعنى أنه يهتم بذويه وأصدقائه، ومكان عمله، ومكان عبادته، ومكان لهوه وهكذا. وحادث يحدث لأحد أصدقائه لا بد أن يثير اهتمامه، ولابد أن ينفعل به انفعالًا عظيمًا، ولكن حادثة تحدث لولده في الطريق, أو في المدرسة, تجعله يقفز من مقعده، ويخرج هائمًا على وجهه.

<<  <   >  >>