للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأولاني صدغًا كث الشعر، وقال "هيه" فظننته أصم، وصحت به، " أ. ر. يد. أن. أ. ح. ل. ق". فسره صياحي جدًّا، وضحك كثيرًا, وأقبل على "مخلاته" فأخرج منها مقصًا كبيرًا، فدنوت من أذنه وسألته: هل في القرية فيل؟ فقال: فيل, لماذا؟

فأشرت إلى المقص، فضحك وقال:

هذا مقص حمير ولا مؤاخذة.

فقلت: ولما تجيئني بمقص حمير؟ أحمارًا تراني؟

ويظهر أن معاشرة الحمير بلدت إحساسه، فإنه لم يعتذر لي، ولا عبأ بسؤالي شيئًا، ثم أخرج "موسى" من طراز المقص و "مكنه" من هذا القبيل أيضًا، فعجبت له: لماذا يجيء إليّ بكل أدوات الحمير؟ وسألته عن ذلك فقال: إن الله مع الصابرين، وبعد أن أفرغ مخلاته كلها انتقى أصغر الأدوات حجمًا، وأصغرها هو أكبر ما رأيت في حياتي، ثم أقبل عليّ وقال: تفضل.

قلت: ماذا تعني؟ قال: اجلس على الأرض.

قلت: ولماذا بالله؟ قال ألَا تريد أن تحلق؟

قلت: ألَا يمكن أن أحلق وأنا قاعد على الكرسي؟

قال: وأنا؟ قلت في سري: وأنت تذهب إلى جهنم وبئس المصير! وهبطت إلى الأرض كما أمر, ففتح موسى كالمبرد، فقلت: إن وجهي ليس حديدًا يا هذا. قال: لا تخف إن شاء الله، ولكني خفت بإذن الله!

ولا سيما حين شرع يقول: بسم الله، الله أكبر: كأنما كنت خروفًا، وبصق في كفه، ثم شحذ الموسى على بطن راحته، ثم جذب رأسي، فذعرت ونفرت ووليت هاربًا إلى أقصى الغرفة، فقال لي: ماذا؟ قلت: ماذا؟ أتريد أن تخلق لي بمبرد، ومن غير صابون؟ قال: ماذا يخيفك؟ قلت:

<<  <   >  >>