للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان من القصص التي تكثر في أيدي الصبيان، يحملها إليهم باعة الكتب، قصة اقتطعت من ألف ليلة وليلة, وتعرف بقصة "حسن البصري" وفي هذه القصة أخبار ذلك المجوسيّ الذي كان يحول النحاس ذهبًا، وأخبار ذلك القصر الذي كان يقوم من وراء الجبل على أعمدة شاهقة في الهواء، وتقيم فيه بنات سبع من بنات الجن، والذى آوى إليه حسن البصريّ، ثم أخبار "حسن" هذا، وما كان من رحلته الطويلة الشاقة إلى دور الجن.

وبين هذه الأخبار خبر ملأ الصبيِّ إعجابًا، وهو أن قضيبا أهدى إلى حسن البصريّ في بعض رحلته، وكان من خواص هذا القضيب أن تضرب به الأرض فتنشق, ويخرج منها تسعة نفر يأتمرون بأمر صاحب القضيب -وهم بالطبع من الجن - أقوياء، خفاف، يطيرون، ويعدون، ويحملون الأثقال، ويأتون من عجيب الأمر ما لا حد له.

فُتِنَ الصبيُّ بهذه العصا، ورغب في أن يظفر بها رغبةً شديدةً قويةً، أرَّقَت ليله، ونغَّصت يومه، فأخذ يقرأ كتب السحر والتصوف، يتلمس عند السحرة والمتصوفين وسيلةً تمكنه من هذه العصا.

وكان له قريبٌ صبي مثله, يرافقه إلى الكُتَّاب، فكان أشد منه كلفًا بهذه العصا، وما هي إلّا أن جَدَّ الصبيان في البحث حتى انتهيا إلى وسيلة يسيرةٍ تمكنهما مما يريدان، وجداها في كتاب "الديربي" وهي أن يخلو الفتى إلى نفسه -وقد تظهر- ووضع بين يديه نارًا ومقدارًا من الطيب, ثم يأخذ في ترديد هذا الاسم من أسماء الله: يا لطيف، يا لطيف، ملقيًا في النار شيئًا من الطيب من حين إلى حين، ويمضي في ترديد هذه الكلمة، وتحريق الطيب حتى تدور به الأرض، وينشق أمامه خادم من الجن موكل

<<  <   >  >>