للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومضى الكاتب في مقاله على هذا النحو, ثم قال:

"لقد ودَّعْنَا ذلك الزمن بخيره وشره، وحلوه ومره، واستقبلنا زمانًا صار فيه الأبناء آباء ".

ثم يقول:

"قالت الخطيبة لخطيبها: الناس أحرار، وأنا إنسان وأنت إنسان, فإن اعتززت بالكسب اعتززت بالإنفاق، وإن اعتززت بالرجولة اعتززت بالأنوثة، وإن اعتززت بأيِّ شيء فأنا أعتز بمثله وبخير منه، فأنا وأنت شريكان, لا سيد ولا أمة، ولا ملك ومملوك، لي كل الحقوق التي لك، وقد يكون عليّ بعض الواجبات التي عليك ... يمكنك أن تحصل على المال وعلى الإنفاق، ولك السلطان التام في اختيار طرق التحصيل، ولي الخيار التام في وجوه التبديد، أنت للبيت والبيت لي، وإن كان لك أمٌّ فقد شبعت سلطة في الماضي أيام كانت زوجة، فلا حق لها أن تنعم بسلطانها وسلطان غيرها، فليس لها الحق إلّا أن تأكل، كما ليس لك الحق في أن تحبها، فالحب كله للزوجة، إنما لك أن ترحمها, والدين لا شأن لك فيه بتاتًا، فهو علاقة بين العبد وربه، وكل إنسان حرٌّ في أن يحدد هذه العلاقة كما يوحي إليه قلبه، فإن شئت أن تتدين فتدين، على شرط ألَّا تقلب نظام البيت, وتقلق راحتي وراحة الخدم.

ورأي الرجل أن الأحكام قاسية، والشروط فادحة، وهام يبحث بين الممدنات عمن ترضى به زوجًا على الشروط القديمة, فأعياه البحث ... إلى أن يقول: تَمَّ الزواج وفرحت الزوجة بالظفر, فغالت في الطلب، وابتدعت كل يوم مطلبًا جديدًا، وأرادت أن تنتقم لأمهاتها من آبائه في شخصه، فطالما أطعن، وطالما خضعن، فليطع دائمًا, وليخضع دائمًا جزاءً وفاقًا على ما جنى آباؤه وأجداده....

قالت: إن رقصتَ رقصتُ، فذلك حقكَ وحقي، قال: نعم.

قالت: بل إن لم ترقص رقصتُ؛ لأنك إن أضعت حقك لم أضع حقي،

<<  <   >  >>