للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معرفةً جيدةً, وقبل أن نخوض في شيء من ذلك, يصح أن نقف قليلًا عند موضوع هامٍّ يتصل بتحرير المقال هو:

لغة المقال الصحفي:

نعرف أن الصحافة عمل اجتماعيّ بحت، وأن اللغة التي تستخدم لهذا الغرض مشتقة من الحياة الواقعة التي يحياها الناس في المجتمعات، وهذه الحياة الواقعة تلد للصحافة كل يومٍ جملةً صالحةً من الألفاظ والتراكيب التي لا عهد لرجال العلم أو الأدب بها، والذين مارسوا الصحافة في أية أمة من الأمم لم يجدوا بدًّا من إيثار الألفاظ التي ولدتها الحياة الواقعة، وما زالت هذه الأمم الكبرى تلد أمثالها إلى اليوم.

وعلى هذا, فالمعين الأول الذي يستفي منه المعجم اللغويّ للصحافة في كل أمة من الأمم, هو الشعب، أو شعوب العالم كله حين تضطر هذه الشعوب إلى استحداث ألفاظٍ تعبر بها عن معانٍ جديدةٍ في المجال الدوليّ تارةً، وفي المجال الإقليميّ تارةً أخرى.

على أن المسألة ليست مسألة الألفاظ المستحدثة فقط، وإنما هي مسألة التراكيب التي يألفها الشعب نفسه كذلك, وللشعب قدرةٌ عجيبةٌ على صوغ التراكيب الحديثة التي يعبر بها عن بعض التجارب الإنسانية التي تمر به.

ومعنى ذلك: أن الشعب يعمل ذوقه في الألفاظ من جهة، وفي التراكيب والجمل من جهة ثانية.

ولكن أيّ طبقة من طبقات الشعب يمكنها عمليًّا أن تقوم بهذه المهمة المزدوجة؟ لا شك أنها الطبقة المثقفة التي يقدر أفرادها دائمًا على نحت الألفاظ الجديدة، والذي لا شك فيه أيضًا أن على محرري الصحف في كل بلد من بلاد العالم المتحضر يقع العبء الأكبر في القيام بهذه المهمة التي نتحدث عنها.

<<  <   >  >>