للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما خطة هذا الكاتب الروسيّ في كتابه القصة القصيرة, فتقوم على هذه القاعدة: "عَرِّفِ الناسَ بالناسِ ولا تعرفهم بنفسك".

وهذا مثل من قصص "تشيكوف" يفصح فيه عن طريقته، ويكشف عن ميله الشديد إلى الإيجاز الذي عرف به.

في هذه القصص وعنوانها: "موت موظف حكومة" نرى موظفًا حكوميًّا، هو واحد من آلاف الموظفين, عرفته الأداة الحكومية في روسيا القديمة يعطس يومًا فوق صلعة قائدٍ كبيرٍ جلس أمامه في المسرح، فيرتاع الموظف الصغير من فعلته هذه، ويستبد به الخوف إلى درجةٍ مزعجةٍ تملك عليه كل مشاعره، ويقول لنفسه: أما عليَّ أن أقوم بواجب الاعتذار, وأؤكد للقائد العظيم أن العطسة كانت بغير قصدٍ مني؟ إن غضب القائد قد يجر عليَّ -وأنا الموظف الصغير- أوخم العواقب، واستجمع الموظف الصغير كل شجاعته، وذهب إلى القائد واعتذر له مرارًا وتكرارًا، حتى اضطر القائد نفسه في النهاية أن يأمر بطرده من مجلسه, فطرد المسكين؛ وإذ ذاك بلغ به الخوف والهلع مبلغًا, أفضى به إلى الموت في داره فور وصوله إليها.!

هذه قصةٌ مبكيةٌ مضحكةٌ في وقت معًا، وهي في الوقت نفسه موجزة كل الإيجاز، محبوكة كل الحبك، ولكن دون أن تنقصها كلمة واحدة يكمل بها التأثير الكليِّ في القارئ أو في السامع.

ومن ثَمَّ اشترطت في القصة القصيرة شروط ثلاثة هي:

أولًا: أن تكون لها بداية ووسط ونهاية.

ثانيًا: أن تكون تصويرًا لحدث متكاملٍ, له وحدته التي تتمثل في البداية والوسط والنهاية.

ثالثًا: أن تحدث في القارئ أثرًا كليًّا، أو تؤدي إلى معنًى كليٍّ.

<<  <   >  >>