للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحفيّ بالذات، فكيف يكون الخلاف بينهم في الفنون الصحفية الأخرى، ومنها فن الحديث، وفن التحقيق، وفن الماجريات؟

إن من هؤلاء العلماء من يعتبرون هذه الفنون الأخيرة لونًا عمليًّا من ألوان الإعلام أو الإخبار، والدليل على ذلك -في رأيهم- أن محرر التقرير الصحفيّ -كائنًا مَنْ كان- يكتب ما يرى وما يسمع في مكان الحادث أو التحقيق، ويهمل كل ما عرفه -ولو من طريق الصحف- عن الشائعات التي تجري على ألسنة الناس بعيدًا عن هذا المكان، ومعنى ذلك أنه لا يكتب في مكتبة، أو غرفة التحرير بالصحيفة، كما يفعل كاتب المقال أو التعليق على الأنباء، وإنما يكتب أولًا في المكان الذي يقع فيه الحادث، أو المكان الذي هو موضوع التقرير الصحفيّ الذي تطلبه الصحيفة.

والمعروف أن عمود الأخبار لا يتسع في الصحيفة إلّا لعباراتٍ موجزةٍ وجملٍ مركزةٍ، ولكن بعض هذه الأخبار يجذب إليه انتباه القراءة، وكثيرًا ما تثير فضولهم، فتضطر الصحيفة إلى إشباع فضولهم هذا بكتابة التقرير الصحفيّ المفصل، كائنًا ما كان نوعه، أو كانت صورته.

من أجل ذلك, ذهب بعض العلماء إلى أن التقرير الصحفيّ يهبط بمستوى الصحافة؛ لأنه لا يهدف إلّا لغرضٍ واحدٍ فقط في الواقع، هو إرضاء غريزة من غرائز الإنسان، هي غريزة حب الاستطلاع، أو إلى إرضاء غريزةٍ أخرى من غرائزه كذلك، هي الغرور الإنسانيّ لدى المجرمين، والمتهافتين على الشهرة والميل إلى الظهور.

وذهب بعض العلماء كذلك إلى اعتبار التقرير صحافةً من الدرجة الثانية؛ لأنه لا يتطلب من كاتبه كل ما يتطلبه كاتب المواد الأخرى في الصحيفة من مهارةٍ وحذقٍ في فنون الكتابة والعرض.

لكن يرد على هذه الآراء السابقة وأمثالها بردود كثيرة منها: أنه

<<  <   >  >>