للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ظروف معينة، وذلك لسبب واحد فقط، هو أن الناس في حالة "الرأي العام" يتمتع كل منهم بفرديته، ويستطيع أن يظهر شخصيته، وأن يظفر بالحرية الكافية لشرح وجهة نظره التي يقتنع بها، ويريد أن يقنع غيره بما فيها من صواب.

ولكن الناس في حالة "السخط العام" تنعدم فرديتهم وذاتيتهم, أو تكاد، ففي الزحام والتجمع تنمحي هذه الصفات, ويفكر الناس بالصور والخيالات، ويكون المجال واسعًا أمام الزعماء والقادة من غير العقلاء, وهم المعرفون عند الأوربيون باسم: "الديماجوج" ممن يثيرون الجماعات, ويستغلون سذاجتها, وانعدام الفردية, أو الذاتية بين أفرادها.

إن الشعب في حالة "السخط العام" يكون أشبه شيء بالنظارة في المسرح، يتأثرون بالرواية المسرحية وقت مشاهدتهم لها، فلا يستطيعون الجمع وقتئذ بين المشاهدة والنقد، ولايستطيعون التمييز بين شتَّى المواقف المسرحية المعروضة عليهم في ذلك الوقت.

<<  <   >  >>