للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الثالث: فكثيرًا ما يكون نتيجةً لاندفاع الشعب، أو نتيجةً لتكاسله في بحث المشكلات العامة، والشعب إذا وصل إلى الرأي الساحق عن طريق البحث أو الدرس, فإنه يكون في مثل هذه الحالة بلغ الذروة، ولكنه في الواقع قَلَّمَا يصل إلى ذلك.

والرابع: هو الأي تجمع عليه الأمة، ولا يكون ذلك في الأعم الأغلب إلّا في الأمور التي ترتكز على ماضي هذه الأمة، وما ورثته من عادات، ونزعات، ومعتقدات، وهذا الرأي العام هو ما سميناه من قبل: بالاتجاه العام، أو النزعة العامة، وهو شيء لا يناقش في العادة، وإذا تعرض أحد لمناقشته عَرَّضَ نفسه للخطر المحقق.

ومع هذا وذاك, ففي استطاعة عددٍ قليلٍ من القادة في كل أمة أن يقنعوا أمتهم بفساد جزء من أجزاء هذا الرأي الجامع، بشرط ألّا يمسَّ هذا الجزء أصلًا من أصول الدين أو العقيدة، فمن الممكن مثلًا أن ينادي مصلح من المصلحين في أمريكا بفساد الفكرة القائمة بالتمييز بين السود والبيض، وإن كان ذلك يحتاج من مثله إلى صبر طويل, وكفاح مرير، وعمل متواصل, فعلى الصحفيِّ دائمًا أن يعرف كيف يفرق بين هذه الأنواع للرأي العام، وعليه أن يفرق بين ما سميناه: بالرأي العام، والسخط العام، والاتجاه العام، فهذه التفرقة يأمن الزلل في تفسير الحوادث التي تجري في المجتمع.

<<  <   >  >>