للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال جول "سيمون":

"إذا كانت للشعب حق التشريع لنفسه, بواسطة النواب الذين ينتخبهم، وإذا كانت السلطة الحاكمة لا تمتلك سن القوانين, ولا عرضها، ولا رفضها، وإذا كانت الانتخابات للهيئات النيابية حرةً وغير مقيدةٍ, إذا كان للشعب كل هذه الحقوق, فإنها تظل جوفاء وهمية خيالية, ما لم تتأيد بضمانة كبرى, هي حرية الصحافة".

فالذين يتقدمون للخدمة الوطنية عن طريق الصحافة, إنما يتقدمون لتحمل عبء ثقيل لا يجوز أن يستهان فيها بالمسئولية المترتبة عليه، ولا سيما إذا كانت الصحافة في عهدهم محرومة من التمتع بحريتها، فهم مضطرون من جهةٍ للنضال في سبيل تحرير صحافتهم، كما أنهم مطالبون من جهةٍ ثانيةٍ بأن يستخدموا الدائرة الضيقة المخصصة لعملهم في سبيل الدفاع عن القضايا الوطنية التي وقفوا أنفسهم على خدمتها، والسعي في نجاحها, مهما تحمَّلوا في هذا الطريق من تضحيات مختلفة.

فذلك إذن, هو الدور الذي تقوم به الصحافة في جميع الأمم, وهو دورٌ خطيرٌ ما دامت الصحافة تقوم بواجبها بكل شرف ونزاهة, وهنا يطيب لي أن أستطرد قليلًا فأقول عن الصحافة المصرية: إنها كانت في العشر الأخير من القرن التاسع عشر, والعشور الثلاثة الأولى من القرن العشرين, كانت في نظر التاريخ صحافة رأيٍ بالمعنى الصحيح، وذلك بالرغم مما تعرضت له تلك الصحافة من إيذاء وتعطيل، وبالرغم مماكانت تعانيه من قانون المطبوعات١.

كان الصحفيون في تلك الفترة التي نشير إليها, يقدرون مهمة الصحافة على الوجه الذي شرحه أحدهم، وهو هنا الأستاذ أمين الرافعي، وكانوا يوطِّنُون أنفسهم على البذل والتضحية في سبيل قيامهم بهذا الواجب الأعلى.


١ ارجع إلى ص ٢٤ من "القانون والرأي العام".

<<  <   >  >>