للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكومة، وسيطرة هذه الأخيرة أو عدم سيطرتها على الصحافة, والذي لا شك فيه أيضًا أن الرأي العام لا يتكوّن تكونًا صحيفًّا في ظل حكومة من النوع الأول، ولكنه يقترب من الكمال في ظل حكومة تبسط للصحافة من الحرية ما يكفي التعبير عن جميع الآراء ومختلف الاتجاهات.

وهنا يحلو لنا مرةً أخرى أن نسوق عبارةً للأستاذ أمين الرافعي, نشرها في افتتاحية السنة الثالثة لجريدة الأخبار ١ قال: "قامت الصحافة بدورٍ كبيرٍ في النهضات الوطنية التي شهدها الشرق والغرب، وقد عرفت لها الشعوب المختلفة هذا الفضل, فجعلت في مقدمة أنظمتها الدستورية أن تكون الصحافة حرةً؛ لتستطيع تأدية واجبها العظيم الذي أنشئت من أجله، وقد تبين قادة الحركات السياسية أن هذه الحركات يصعب نجاحها ما لم تكن الصحافة بجانبها, لتقوم بقسطها الكبير فيها".

وقال "سايبس": "الصحافة هي الضامن الحقيقيُّ للحرية السياسية، فإذا أردت إصلاح العيوب العامة, وجدت من الصحافة أكبر عضد لك في عملك، فهي التي تنير الرأي العام، وتكون بمثابة المصباح يُهْتَدَى بضوئه، ومتى ظهر هذا المصباح أمام أعداء الأمة، وخصوم الإنسانية, استولى عليهم الرعب, وبادروا إلى العدول عن تنفيذ نيَّاتهم الضارة التي كانوا يتآمرون عليها في الظلام, فاتركوا الصحافة تعمل لإعداد النفوس لفعل الخير، اتركوها تؤهل العقول للشعور بالواجب الوطنيّ".

ومضى الأستاذ أمين الرافعي يقول: "وقد أرتأى كثيرٌ من الفلاسفة والسياسيين والمؤرخين, أن الأمة التي لا تحترم حرية الصحافة, لا تستطيع النهوض بنفسها، ولا يسعها الانتفاع من جميع الحقوق الأخرى التي تكون متمتعة بها، مهما كانت هذه الحقوق عظيمة الشأن في ذاتها".


١ انظر العدد رقم "٥٨٧" بتاريخ ٢٨ يناير سنة ١٩٢٥.

<<  <   >  >>