للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا المعنى يقول الزعيم الشاب مصطفى كامل:

"إذا كانت الصحافة في كل بلاد العالم شديدة التأثير، عظيمة الفائدة، فإنها يجب أن تكون في مصر أشد تأثيرًا، وأكبر نفعًا؛ لأن الأمم الحية غنيةٌ عن إرشاد الصحف في كثير من الشئون, أمَّا في مصر, وبقية بلاد الشرق, فوظيفتها أن تكون المهذبة المؤدبة، المنشطة المشجعة، القائمة مقام المجالس النيابية، حتى تترقى الأمة, وتنال كل حقوقها".

ومهما يكن من شيء ففي استطاعتنا أن نقول: إن هناك أمورًا كثيرةً تؤثر في الدور الذي تؤديه الصحافة في توجيه الرأي العام.

منها: صبغة الصحيفة, أو الهدف الذي ترمي إليه هذه الصحيفة، فإذا كان الهدف تجاريًّا في مجموعه، وكان الربح الماديُّ هو الغرض الأساسيّ من إصدارها, فإنها إذ ذاك تقل عنايتها بتوجيه الرأي العام، وتزداد عنايتها بتملق القراء، فلا تنشر لهم إلّا ما يلائم رغباتهم، ولو كان في ذلك ما يضر بمصلحتهم التي هي مصلحة المجتمع.

ويتصل بهذا العامل عاملٌ آخر, هو سياسة الصحيفة، فإذا كانت سياستها ترمي إلى العبث بالأخبار, أو تلوينها, خاصةً لغايةٍ من الغايات الخاصة بها, كذلك فإن الرأي العام إذ ذاك يتعرض بنفسه لمحنة من أشد المحن، ويحار القراء يومئذٍ في معرفة الحقيقة, فتنحرف الأفكار والخطط انحرافًا بليغًا.

وثَمَّ مظهر آخر من مظاهر سياسة الصحيفة، فقد ترغب هذه الصحيفة في اتباع سياسة الإثارة، وقد تزهد في هذه السياسة، ومن الصحف ما تعتمد اعتمادًا تامًّا في كتابة الأخبار على الإثارة، ومنها ما تقتصد اقتصادًا ظاهرًا في ذلك، والذي لا شكَّ فيه أن الرأي العامَّ يصلح باتباع الطريقة الأخيرة، ولا يصلح مطلقًا باتباع خطة الإثارة, ثم إنه من العوامل المؤثرة في الرأي العام عن طريق الصحافة عامل

<<  <   >  >>