للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحاكم، فإن هذا شرط أساسيٌّ لنجاحها، إلّا أنه يجب ألَّا تتعارض هذه الحرية الصحفية وصالح الوطن، وألّا تكون أداةً لعرقلة نهضته، كما يجب ألَّا تقف هذه الحرية في سبيل حركة الشعب الوطنية والقومية بحالٍ ما.

ومهما يكن الأمر, فهناك نظريتنان تخضان بالتشريع الصحفيّ؛ من حيث حرية إعلان الرأي:

الأولى: ترى أن الصحافة وغيرها من طرق النشر والإعلان يجب أن تتحرر من كل قيدٍ قانونيٍّ, مهما كان هذا القيد.

والثانية: ترى فرض القيود القانونية على هذه الحرية, ما دام من واجب الدولة حماية الأفراد, والمحافظة على النظام العام.

ولكل نظريةٍ من هاتين النظريتين أنصار، ولكل طائفة من هؤلاء الأنصار حجج؛ فمن أنصار النظرية الأولى -على سبيل المثال- "ميرابو" أحد أبطال الثورة الفرنسية المعروفة، يحكى أنه قال: "إن حرية الصحافة دواء لكل الأدواء، وإن تقييدها لا يعوق في الحقيقة إلّا الشرفاء ١".

ومنهم "روبيه كولا" الذي قال في كلامه عن الصحافة: "خير قانون ألّا يكون هناك قانون".

ومنهم "إميل دي جير ردان" الذي قال: "الصحافة التي لا تترك حرةً ليست صحافةٌ بالمعنى الصحيح، ولكنها صحافةٌ متسامحٌ في وجودها؛ لأنها صحافةٌ يتضافر عليها العسف والتحامل في وقت معًا".

ومع هذا وذاك, ففي الصحافة كما يقولون: دواء يشفي من دائها، فقد أضحى القارئ لا يقنع عادةً بمطالعة صحيفة واحدة، والضرر الذي


١ حرية الرأي وجرائم الصحافة والنشر, للدكتور رياض شمس, ص١١٣.

<<  <   >  >>