للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجديدة, قبل أواخر القرن السادس عشر, وأوائل القرن السابع عشر.

والحقُّ أن أهمية الأخبار ليست وليدة العصور الحديثة، ولكنها بعض ما ورثته هذه العصور الحديثة عن العصور القديمة، فقد كان الناس قديمًا -وخاصةً في الأمة المشهورة بالتجارة والملاحة- يستقون الأخبار من التجار، ومن البحارة، وكان تجار البندقية بنوعٍ خاصٍّ من أهم من نقلوا الأخبار عن الشرق، ووصفوه بالغموض والغرابة, وغيرهما من الصفات التي لفتت إليه أنظار الغرب.

وهكذا منذ القدم, ووسائل الحصول على الأنباء متنوعة تنوعًا ظاهرًا؛ فمن شعراء ورواة للأشعار، إلى سفراء تبعث بهم الحكومات إلى البلاد البعيدة, ومن تجار وبحارة يركبون متن البحار؛ ليجلبوا فيما يجلبون إلى بلادهم مادة الخبر، إلى غير هؤلاء وأولئك.

أليس معنى كل ذلك أن الحكومات والشعوب والأفراد والجماعات تدرك أن العلم بالأخبار خير من الجهل بها، وأن الوقوف على هذه الأخبار يعتبر نوعًا من التسلح ضد الحوادث والمحن المستقبلة، أي: أن الأخبار في ذاتها ليست إلّا نوعًا من الإنذار في الوقت المناسب عما حدث, أو ما سيحدث للفرد أو للأمة.

وما الصحافة في الواقع إلّا مظهرٌ راقٍ من مظاهر الإعلام في العصور الحديثة، وهي وسيلةٌ من وسائل الإعلام إلى جانب الوسائل الأخرى المعروفة، وهي الوسائل التي تكاد تنحصر حتى الآن في أربع، هي: الصحافة، والإذاعة، والسينما، والتليفزيون.

ولا ننسى أن كل وسيلةٍ من تلك الوسائل الثلاث, يمكنها أن تعين الأخرى في سبيل الحصول على الأنباء، ومن هذا القبيل ما تعمد إليه بعض الصحف في الوقت الحاضر من أنها تنشيء لنفسها قسمًا من أقسامها يُدْعَى: "قسم الإصغاء الإذاعيّ" وبهذه الطريقة تمكنت إحدى الصحف الإنجليزية من التقاط النبأ الذي أذاعته وكالة تاس السوفيتية، وهو نبأ وفاة "ستالين"، وحققت الصحيفة بذلك سبقًا صحفيًّا لا شك فيه.

<<  <   >  >>