للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن إلى متى بقي الخبر في الصحافة هو كل شيء فيها تقريبًا؟ وما الأسباب التي من أجلها قَلَّت أهمية الخبر بالقياس إلى غيره من مواد الصحيفة؟

أما في مصر: فقد كانت الصحف التي أصدرها القائد الفرنسيّ بونابارت, تهتم بأخبار الحملة الفرنسية وحدها, وتحمل للجند الفرنسيين في مصر أهم الأنباء في بلادهم التي أتوا منها، وتمدهم كذلك بالأخبار التي يعرفون بها شيئًا عن الديار التي أتوا إليها، وكذلك كانت الجريدة التي أصدرها محمد على باسم "الوقائع المصرية" تعنى عنايةً تامةً -جهد المستطاع- بأخبار المحاكم، وبنشر الأوامر التي يصدرها الوالي إلى كبار موظفيه.

ثم في ظروفٍ سياسيةٍ خاصةً من أهمها -ظروف الاحتلال البريطانيّ- تحولت الصحافة المصرية من صحافة خبر إلى صحافة رأي، وظهرت الصحف التي تحمل كل واحدةٍ منها اسم زعيم من الزعماء المصريين الذين لهم آراؤهم في السياسة المصرية في ذلك الوقت, ثم في منتصف القرن العشرين, أو قبله بقليل, عادت للخبر الصحفيّ أهميته الأولى، وأصبح مقدمًا على مقال الرأي، وأصبحت الصحيفة غير محتاجة إلى الأسماء العظيمة, تلتمس الرواج عن طريقها، وتعتمد عليها في بقائها حية بين الناس.

أما في أوروبا -وخاصة في انجلترا- فقد كانت الناحية الغالبة عليها هي ناحية الخبر, ثم بتقدم الطباعة من جهة, وتقدم الحياة السياسية من جهةٍ ثانيةٍ، وتقدم الديمقراطية التي جعلت من الشعب مصدر السلطات من جهةٍ ثالثةٍ، ظهرت صحافة الرأي إلى جانب صحافة الخبر، وحدث أحيانًا في بلاد "كانجلترا" أن صدرت الصحف وهي لا تشتمل على أخبار مطلقًا, وإنما تشتمل على مقالاتٍ فقط، والسبب في ذلك أن الحكومة كانت تفرض الضرائب هناك على الخبر، ولا تفرضها على غير ذلك من مواد الصحف؛ كالمقال وغيره.

ومهما يكن من شيء, فنحن إذ ننظر في الصحافة الحديثة ندرك بوضوحٍ أن أهم العناصر الأساسية لصحيفة من الصحف هي:

<<  <   >  >>