للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمليه عليه الشرف، وتَحُضُّ عليه الأمانة والنزاهة، وهذا الواجب هو نقل الأخبار نقلًا صحيحًا، وتسجيل المعلومات المتصلة بهذه الأخبار تسجيلًا صحيحًا كذلك.

فلو قَدَّرَ الصحفيُّ أن الخبر هو الأساس الأول لكل ما يكتب في الصحف؛ من تعليق، وعمود، وطرائف، وحديث، وتحقيق، ونحو ذلك، ولو قَدَّرَ الصحفيُّ أن الخبر هو الأساس الأول لكل تصرفٍ يبدو من جانب الحكومة، أو الأفراد، أوالهيئات، أو الشعوب, لو قَدَّرَ الصحفيُّ كل ذلك؛ لأدرك أن عليه واجبًا لا مفر من أدائه، وهو تحري الصدق والأمانة في الحصول على أخبار من مصادرها الصحيحة، ثم المحافظة التامة على سرية هذه المصادر، متى رأى أصحابها ذلك, ثم الأمانة الكاملة في نقل الخبر ذاته، ومعنى ذلك, أنه لا ينبغي للصحيفة -حرصًا منها على ما يُسَمَّى: بالسبق الصحفيّ- أن تستهين بهذه الأمانة، أو تعبث بسرية الأخبار.

حدث في أمريكا أن اختطف طفلٌ رضيعٌ من عربته الصغيرة، ووضع الخاطف ورقة صغيرة يطلب فيها الفدية، وأبلغ الحادث إلى البوليس الذي رأى من المصلحة إذ ذاك عدم إذاعة الخبر إلى أن يعاد الطفل إلى والديه، ووعدت الصحف بعدم النشر، إلّا صحيفةً واحدةً رأت في الموضوع خبرًا مثيرًا للقراء، فنشرت الخبر، وتبعتها الصحف الأخرى في ذلك بعد إذ أصبح الخبر معروفًا، وكان من أثر ذلك أن فشلت خطة رجل البوليس، وعثر على الطفل الذي كان وحيد والديه بعد أيام جثةً هامدةً, وضاع كل أثرٍ من آثار هذه الجريمة، وهكذا أفسد هذا السبق الصحفيُّ الذي حرصت عليه الصحيفة خطة البوليس للتعرف على الجناة، وانحطت قيمة الصحيفة التي سعت إلى ذلك١.


١ جلال الحمامصي: صحافتنا بين الأمس واليوم, ص١٢٦و ١٢٧.

<<  <   >  >>