للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أهونك علينا فقد بقى أعزك علينا، فطابق -كما ترى- بين العز والهوان١.

وقال أدد٢ بن مالك بن زيد بن كهلان وهو من طيئ في وصيته لولده: لا تكونوا كالجراد٣، أكل ما وجد، وأكله مَن وجده. وقيل لابن عمر٤ رضي الله عنه: ترك فلان مائة ألف، فقال: لكنها لا تتركه. وقال الحجاج في خطبته: إن الله كفانا مئونة الدنيا، وأمرنا بطلب الآخرة، فليت الله كفانا مئونة الآخرة وأمرنا بطلب الدنيا. وقال: من العمل ما هو ترك للعمل، ومن ترك العمل ما هو عمل.

ومن المطابقة قول الحسن٥ المشهور: ما رأيت يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت٦. وقال الوليد بن عتبة بن أبي سفيان٧ للحسين٨ وهو والي المدينة في بعض منازعاتهم: ليس طول حلمنا عنك لا يدعو جهل غيرنا إليك. وقال أبو الدرداء٩: معروف زماننا منكر زمان قد فات، ومنكره معروف زمان لم يأتِ. وقال الحسن -رضي الله عنه- وقد أُنكر عليه الإفراط في تخويف الناس: إن


١ في البيان "ج٢ ص٦٣ طبعة سنة ١٩٢٧" الرواية تفصيلًا مع بعض تغيير، وفي صفحة ٢١١/ ٢ يرويها الجاحظ برواية أخرى وهي: قال عيسى لعروة حين ابتلي برجله فقطعها: يا أبا عبد الله، ذهب أهونك علينا وبقي أكثرك لنا.
٢ جاهلي قديم، وكان رئيس قومه.
٣ يضرب به المثل في التفرق والانتشار.
٤ صحابي جليل آثر البعد عن ضجيج الحياة وشغب الفتنة وورث عن والده الفاروق الخلق والدين، وكان فقيهًا ومحدثًا، وتوفي بالمدينة عام ٧٣هـ.
٥ هو الحسن البصري الإمام الزاهد الواعظ، المتوفى سنة ١١٠هـ، وولد في خلافة عمر.
٦ وفي رواية للجاحظ: من أمر نحن فيه، بدل من الموت "٩٧/ ٣ بيان".
٧ سيد شريف من قريش في الصميم، وكان من أسرة بني أمية، وولاه معاوية المدينة، وتوفي بعد منتصف القرن الأول.
٨ سبط رسول الله وابن فاطمة الزَّهْرَاء، وقتل عام ٦٣ في عهد يزيد بن معاوية.
٩ صحابي جليل، وولي قضاء دمشق لمعاوية بأمر الفاروق، مات سنة ٣٢هـ.

<<  <   >  >>