وللبديع أهمية كبيرة في فهم نشأة البديع وتطوره في البيان العربي على مر عصورنا الأدبية، وهو ينحو في دراسة ألوان البديع نحو الدراسة التطبيقية الواسعة التي لها أثرها في تكوين الملَكة والذوق ودعم الفكرة والرأي في نفس القارئ، ويشتمل الكتاب على ٣١٢ شاهدًا من عيون الشعر العربي تبلغ ٤٢٥ بيتًا أو تزيد فوق ما اشتمل عليه من بليغ النصوص والشواهد من الذكر الحكيم وحديث رسول الله وكلام الصحابة والأعراب وبلغاء الكُتَّاب، والكِتَاب مع ذلك يخلو من الاصطلاحات العلمية الدقيقة وتحديدات المنطقيين العميقة، وهو يكتفي في توقيفك على مدلول اللون البديعي بشرح أدبي موجز حينًا، وبما تدل عليه الشواهد حينًا آخر، وبأسلوب يفيض بلاغة وسهولة مما يدل على ذوق سليم وفطرة عربية مطبوعة.
وأهم سمة يمتاز بها الكتاب -بعد ذلك كله- هو النظام الدقيق في العرض مما يتجلى في جميع أبواب الكتاب مع الذوق وسعة الاطلاع وحسن الاختيار في جميع شواهد الكتاب، وهو فوق ذلك أول خطوة علمية موفقة في التأليف في البديع والبيان، وإذا غضضنا النظر عن الخطوة الأولى التي خطاها ثعلب في كتابه "قواعد الشعر" كان عمل ابن المعتز جديدًا مبتكرًا من كل نواحيه.