للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يشربون خمراً. وقال سعيد بن سلم١: تركنا كثير النبيذ لله وقليله للناس٢. ويقال: اشرب من النبيذ ما لا يشربك. ولأعرابي في البراغيث "من الطويل":

إذا درج البرغوث منها رأيته ... على الجلد ضخم الجسم وهو صغير

وقال الطائي "من الطويل":

لقد ضاقتِ الدنيا عليَّ بأسرها ... لهجرانه حتى كأني في حبس

أسكن قلبًا وهائمًا فيه مأتم ... من الشوق إلا أن عيني في عرس٣

وقال سهل بن هارون٤: من طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى توفر٥ زرقه منها، ومن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه منها. وقال بعضهم يهجو قوماً "من المتقارب":

فيا قبحهم بالذي خولوا ... ويا حسنهم في زوال النعم٦

وقال عبد الله بن أبي عيينة٧ في عيسى بن سليمان٨ "من الطويل":


١ أخباره في الأغاني في مواضع متفرقة، وراجع ترجمته عند البيت ٢٣٠، وهو سعيد بن سلم بن قتيبة، أمير شريف من أسرة عظيمة وعاصر الرشيد، وكان شجاعًا أديبًا.
٢ يريد: أن كثير النبيذ حرام وقد تركه خوفًا من الله، وقليله حلال وقد تركه حياء من الناس.
٣ الهيام: أشد الحب. المأتم: النساء يجتمعن في الخير والشر، والمراد به هنا المناحة.
٤ كاتب حكيم فارسي الأصل، نشأ في البصرة واتصل بخدمة المأمون فولاه رئاسة خزانة الحكم بغداد، وكان يتهم بالشعوبية ووضع كثيرًا من القصص ورسالته في البخل دونها الجاحظ في البخلاء، وتوفي في عصر المأمون، وقد أشاد به الجاحظ في البيان "ج١ ص٥٥".
٥ وفر عليه حقه توفيرًا واستوفره: أي وفاه.
٦ خولوا: أي ملكوا.
٧ جده أبو عيينة بن المهلب وهو مولى ابن كعب، كان من كبار القواد الذين رفعوا دعائم دولة بني العباس، وتوفي سنة ١٤١، وعبد الله شاعر مجيد من أطبع الناس وأقربهم مأخذًا في الشعر وأقلهم تكلفًا وهجا ابن عمه خالدًا كما هجا ابن عمه مروان أحد تلامذة الخليل "٢٦٧، ٣٩٨ معجم الشعراء" وعاصر المأمون.
٨ ولي والده البصرة للسفاح والمنصور، وتوفي سنة ١٤٢هـ، وابنه عيسى أمير عباسي من رجال الدولة في عصر المهدي والرشيد، وهذه الأبيات وقصة هجاء عبد الله لعيسى بن سليمان تراها في كامل المبرد "٢٠٦/ ١" والأغاني ١٦ ج١٨.

<<  <   >  >>