للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المعنى: أنه أصاب موضعاً يضيف إليه فيه أي: يميل إليه؛ لأن أهله قد فارقوه، ومضيف محال؛ لأن البلد لا يضيف، ولأن الزمان لا يحتاج؛ وإنما المعنى أن الزمان مال عليك فأصاب موضع محل ومنزل.

وقال "من الكامل":

يا سهم كيف يفيق من سكر الهوى ... حران يصبح بالفراق ويغبق

عمري لقد نصح الزمان وإنه ... لمن العجائب ناصح لا يُشفق١

نصح الزمان: أي أدبك بما يريك من غيره واختلافه، والزمان لا يشفق على أحد؛ لأنه يأتي على الإنسان بما يقضي عليه، فقال: "من العجائب أن ينصحك الدهر وهو لا يشفق".

وقال "من الطويل":

كلوا الصبر غضاً واشربوه فإنكم ... أثرتم بعير الظلم والظلم بارك

من يأتك المقدار لا تك٢ هالكاً ... ولكن زمان غال مثلك هالك٣

وقال العباس بن الأحنف "من البسيط":

ولي جفون جفاها النوم فاتصلت ... أعجاز دمع بأعناق الدم والسرب٤

وهذا وأمثاله من الاستعارة مما عُيب من الشعر والكلام؛ وإنما نخبر بالقليل ليُعرف فيتُجنب.

قال المهلب٥ لرجل من الأزد: متى أنت؟ قال: أكلت من


١ الصبوح: الشراب بالغداة، ضد الغبوق وهو الشراب بالعشي.
٢ في رواية: لا تدع.
٣ أثار الشيء: أنهضه من مقامه. برك البعير: أي أناخ. المقدار: القدر. غال الشيء: اغتاله.
٤ أعجاز: جمع عجز وهو مؤخر الشيء. العنق: جمعها أعناق وهي أول الشيء؛ لأن العنق من أول ما يرى من الإنسان. دم سرب: أي سائل متدفق.
٥ سيد أهل العراق نشأ بالبصرة وولى إمارتها لمصعب وصمد لقتال الأزارقة تسعة عشر عامًا، وولي خراسان عام ٧٩هـ، ومات فيها عام ٨٣هـ.

<<  <   >  >>