قيام العلية بالعدم كما بالموجود واختاره الإمام وأتباعه ومنهم المصنف ومنع منه قوم إذا كان الحكم ثبوتا واختاره الآمدي وابن الحاجب واحتج هؤلاء بوجهين أشار إليهما في الكتاب
أحدهما أن العلة لا بد أن تتميز عما ليس بعلة سواء أريد بها المؤثر أو المعرف أو الداهي والتمييز عبارة عن كون كل واحد من المتميزين مخصوصا في نفسه بحيث لا يكون تعيين هذا حاصلا لذاك ولا تعيين ذلك لهذا وهذا غير معقول في العدم الصرف لأنه نفي محض
والثاني أن المجتهد إذا بحث عن علة الحكم لم يجب عليه سبر الأوصاف العدمية فإنها غير متناهية مع أنه يجب عليه سبر كل وصف يصلح للعلية وهذا يدل على أن الوصف العدمي لا يصلح للعلية
وأجاب عن الأول بأنا لا نسلم أن الإعدام لا تتميز لأن كلامنا في الإعدام المضافة وبعضها يتميز عن بعض بدليل أن عدم اللازم متميز عن بعض الملزوم
لأن الأول يستلزم الثاني من دون عكس وكذا عدم أخذ الضدين عن المحل يصح حلول الآخر فيه نعم العدم المطلق لا يتميز وليس فيه كلامنا
وعن الثاني بأنه إنما أسقط عن المجتهد سبرها لتعذره لأن العدميات لما كانت غير متناهية تعذر سبرها
وقد يجاب بأنا لا نسلم أنه لا يجب عليه سبر ما تتخيل المناسبة فيه أو الدوران أو ما يقرب من العلية
قال "قيل إنما يجوز التعليل بالحكم المقارن وهو أحد التقادير الثلاثة فيكون مرجوحا قلنا ويجوز بالمتأخر لأنه معرف"
المسألة الرابعة ذهب الأكثرون إلى أنه يجوز تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي وهو اختيار الإمام وأتباعه ومنهم المصنف لأن الحكم قد يدور مع الآخر وجودا وعدما لأن العلة هي المعرف فلا بدع في جعل حكمه معرفا لآخر