وشيعته كالمصنف واختاره الحاجب ولا يخفى عليك أن هذا الخلاف إنما يتأتى إذا جوزنا تخصيص العلة فأما إذا لم يجوز ذلك فلا يتصور هذا الخلاف لأن التعليل بالمانع حينئذ لا يتصور فضلا من أن يختلف في أنه مشروط ببيان وجود المقتضى
كذا قال صفي الدين الهندي وهو متلقى من قول الإمام إن هذه المسألة من تفاريع تخصيص العلة فإما إن أنكرناه امتنع الجمع بين المقتضى والمانع
ولقائل أن يقول هذا غير لازم فإن العلة من تخصيص العلة جاز أن يقول شرط تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي وجود المقتضى في تلك الصورة ويكون مراده أن هذا الشرط ممتنع ويمتنع بامتناعه تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي
واحتج المصنف بأن بين المقتضى والمانع معاندة ومضادة والشيء لا يتقوى بضده بل يضعف به فإذا كان المانع مؤثرا حال ضعفه وهو وجود المقتضى فلأن يكون ذلك حال قوته وهو عدم المقتضى أولى
واحتج المشترطون بأن المعلول الذي هو عدم الحكم إما أن يكون هو العدم المستمر وذلك باطل لأن المانع حادث والعدم المستمر أزلي ويمتنع استناد الأزلي الحادث وإن كان هو العدم المتجدد فهو المطلوب لأن العدم المتجدد إنما يتصور بعد قيام المقتضى
وأجاب بأنا لا نسلم امتناع تعليل المتقدم بالمتأخر بمعنى المعرف وحينئذ المعلل هو العدم المستمر وهو جائز بهذا المعنى كما أن العالم معرف للصانع
وأجيب أيضا بأنا نقول المعلل هو العدم المتجدد قلنا ممنوع لأنا لا نعني العدم المتجدد إلا أنه حصل لنا العلم بعدم الحكم من قبل الشرع ومعلوم أن هذا لا يقتضي تحقق المقتضى
ولقائل أن يقول ما حكم ما فيه بالعدم بناء على البراءة الأصلية لا يكون معرفا من قبل الشرع لأن الشرع لم يرد فيه بشيء وقولهم إن العلة المعرف والمتأخر يعرف المتقدم قلنا لا يصح أن تكون العلة بمعنى المعرف في هذا المقام