لأنكم اعترفتم من قبل بأن الوصف ليس معرفا للحكم في الأصل بل هو معرف بالحكم في الأصل معرف للحكم في الفرع فالوصف معرف إما بالنص إن ورد فيه نص كما قلتم أو بالبراءة الأصلية وعلى التقديرين لا يكون الوصف معرفا له
والكلام لم يقع إلا فيه فامتنع استناد العدم في الأصل إلى هذا العدم المتحدد سواء جعلناه معرفا أو مؤثرا وإذا عرفت ضعف ما أجاب به فنقول وما استدل به أيضا ضعيف لأن للخصم أن يقول لا يلزم من جواز تعليل عدم الحكم بالمانع حال وجود المقتضى الذي هو شرط التعليل به جواز تعليله به حال عدم المقتضى الذي هو مناف لتعليله به
وأما قولكم إنه قوي حال عدمه ضعيف حال وجوده فلسنا نسلم ذلك وسند هذا المنع أن وجود المقتضى لما كان شرط تأثيره في عدم الحكم استحال أن يقال إنه يضعف إذ ذاك وكيف يضعف الشيء حال وجود شرط تأثيره
ولئن سلمناه فلا يلزم منه أيضا عدم الجواز لأن المأخذ في هذا ليس هو القوة والضعف حتى يلزم ما ذكرتم بل غيرها من أدلة نقيمها ومن جملتها الدليل الذي أشرتم إليه وبينا ضعف ما أجبتم به عنه
قال "الثالثة لا يشترط الاتفاق على وجود العلة في الأصل بل يكفي انتهاض الدليل عليه"
ش شذ بعض الأصوليين فقال وجود الوصف الذي جعل علة في الأصل لا بد وأن يكون متفقا عليه وهذا ضعيف لأنه لما أمكن إثباته بالدليل حصل الغرض وكان اشتراط الاتفاق تعيثا بل الحق أنه قد يكون ضروريا ومعلوما بالبرهان اليقيني ومظنونا
واستدل الشيخ أبو إسحاق على بطلان هذا المذهب بأن قائله إن أراد بالاتفاق الذي اشترط إجماع الأمة كلها أدى إلى إبطال القياس لأن نفاة القياس من جملة الأمة وأكثرهم يقولون إن الأصول غير معللة وإن أراد إجماع القياسيين فهم بعض الأمة وليس قولهم بدليل