وقد أحسن الغزالي في هذا الفصل ونحن لا نعد بكلامه فنقول من شروط حكم الأصل أن لا يكون خارجا عن قاعدة القياس وهذا مما أطلق وهو محتاج إلى تفصيل فاعلم أن وصف الحكم بهذه الصفة باعتبارات
الأول القاعدة المشروعية ابتداء من غير أن تقطع عن أصل آخر التي لا يعقل معناها فلا يقاس عليها لتعذر العلة
قال الغزالي فيسمى هذا خارجا عن القياس تجوز إذ معناه أنه ليس منقاسا لأنه لم يدخل في القياس حتى يخرج عنه ومثاله المقدرات في إعداد الركعات ونصب الزكوات ومقادير الحدود والكفارات وجميع التحكمات المبتدأة التي لا ينقدح فيها معنى
الثاني ما استثني عن قاعدة عامة ولا يعقل معناه من غير أن تنسخ تلك القاعدة قلا يقاس عليه أيضا لأنه فهم ثبوت الحكم في المستثنى على الخصوص وفي القياس إبطال الخصوص مثل تخصيصه عليه الصلاة والسلام خزيمة بقبول شهادته وحده وتخصيص أبي بردة في الأضحية بالعناق
الثالث ما استثني عن قاعدة لمعنى يعقل فهذا بقياس عليه مثاله استثناء العرايا فإنه لم يرد ناسخا لعلة الربا وإنما استثني فنقيس عليه العنب على الرطب وهذا القسم هو وقع فيه كلام المصنف واختلاف العلماء على الأقوال الثلاثة التي قد عرفها ولا يتجه جريان الخلاف في غيره
والرابع ما شرع مبتدأ غير متقطع عن أصول أخر وهو معقول المعنى لكنه عديم النظر فلا يقاس عليه لأنه لا يوجد له نظير خارج مما يتناوله النص والإجماع فالمانع من القياس فقد العلة في غير المنصوص معلل بعلة قاصرة ومثاله رخص السفر والمسح على الخفين رخصة المضطر في أكل الميتة وتعلق الأرش برقبة العبد وإيجاب غرة الجنين والشفعة في العقار وخاصية الإجارة والنكاح وحكم اللعان والقسامة ونظائرها
وعد الغزالي من جملتها ضرب الدية على العاقلة وذلك قول منه بأنها معقولة المعنى مخالف إمامه ويساعد ما أوردناه بحثا فيما تقدم فإن هذه القواعد