متباينة المأخذ فلا يقال بعضها خارج عن قياس البعض بلى لكل واحد معنى ينفرد به لا يوجد له نظير فليس البعض بأن يوضع أصلا ويجعل الآخر خارجا عن قياسه بأولى عن عكسه ولا ينظر فيه إلى كثرة العدد وقلته
وتحقيقه أنا نعلم أنه إنما جوز المسح على الخف لعسر النزع ومسيس الحاجة إلى استصحابه فلا نقيس عليه والقفازين وما لا يستر جميع القدم لا لأنه خارج عن القياس لكن لأنه لا يوجد ما يساويه في الحاجة وكذا رخصة السفر ثابتة للمشقة ولا يقاس عليها مشقة أخرى لأنه لا يشاركها غيرها في جملة معانيها ومصالحها لأن المرض لا يحوج إلى الجمع بل إلى القصر
وقد قصر في حقه بالرد من القيام إلى القعود ولما سواه في حاجة الفطر سوى الشرع بينهما وكذلك قولهم تناول الميتة للمضطر رخصة خارجة عن القياس غلط لأنه إن أريد به أنه لا يقاس عليه غير المضطر فلأنه ليس في معناه وإلا فنقيس الخمر على الميتة والمكره على المضطر فهو منقاس وكذلك بداية الشرع بأيمان المدعي في القسامة لشرف أمر الدم ولخاصية لا يوجد مثلها في غيره ولأنه عديم النظير وأقرب شيء إليه البضع
وقد ورد تصديق المدعي باللعان على ما يليق به وكذلك ضرب الدية على العاقلة كان ذلك رسم الجاهلية قرره الشرع لكثرة وقوع الخطأ وشدة الحاجة إلى ممارسة السلاح ونظير له في غير الدية وهذا مما يكثر وهو يعرف أن قول الفقهاء تأقت الإجارة خارج عن قياس البيع والنكاح خطأ كقولهم تأبد البيع والنكاح خارج عن قياس الإجارة فتأقت المساقات خارج عن قياس تأبد القراض خارج عن قياس تأقت المساقاة فإذن هذه الأقسام الأربعة لا بد من فهم تباينها بحصول الوقوف على سر هذا الأصل
الخامس ما شرع مبتدأ من غير اقتطاع عن أصول أخر وهو معقول المعنى وله نظائر وفروع فهذا هو الذي يجري فيه القياس وفي جزئياته تنافر القياسيين واضطراب آراء الجدليين
قال "وزعم عثمان البتي قيام ما يدل على جواز القياس عليه وبشر