للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باشتراط القطع وعللوا وجه المنع بأن غاية الأمر أن نخاف على أنفسنا ودم المسلم لا يباح بالخوف وهذا تصريح بجريان الخلاف في صورة الخوف ولا قاطع فيه وقد يقال إن المسألة في حالة القطع مجزوم باعتبارها والخلاف إنما هو في حالة الخوف وقد صرح الغزالي بذلك في المستصفي وقال إنه إنما يجور ذلك عند القطع أو ظن قريب من القطع وليس في معناها جماعة في سفينة لو طرحوا واحدا لنجوا وإلا غرقوا بحملتهم لأنها ليست كلية إذ يحصل بها هلاك عدد محصور ولعل مصلحة الذين في بقاء من طرح أعظم منها في بقاء من بقي ولأنه ليس يتعين واحد للإغراق إلا أن يعين بالقرعة ولا أصل لها في الشرع وكذلك جماعة في مخصمة لو أكلوا واحدا بالقرعة لنجوا فلا رخصة فيه وليس في معناها قطع اليد للأكلة حفظا للروح فإنه ينقدح الرخصة فيه لأنه إضرار به لمصلحة وقد شهد الشرع بالإضرار لشخص في قصد صلاحه كالقصد والحجامة وغيرهما وكذلك قطع المضطر فلقة من فخذه إلى أن يجد الطعام هو كقطع اليد لكن بما يكون القطع سببا ظاهرا في الهلاك ويكون الخوف منه كالخوف في ترك الأكل أو أشد فيمنع منه وليس كذلك ما إن كان الخوف منه دون الخوف من ترك الأكل فإنه يجوز على الأصح بشرط أن لا يجد شيئا غيره فإن قلت فهل يجوزون أن يقطع لنفسه من معصوم غيره أو أن يقطع الغير للمضطر من نفسه قلت لا نجوزه لأنه ليس رعاية مصلحة أحدهما بالقطع له أولى من رعاية الآخر بترك القطع فإن قلت فالضرب بالتهتمة للاستنطاق بالسرقة مصلحة فهل تقولون به قلت قد قال به مالك رحمه الله ولكنا لا نقول به لا لإبطال النظر إلى جنس المصلحة لكن لما علمت من معارضة هذه المصلحة لمصلحة أخرى وهي مصلحة المضروب فربما يكون بريئا من الذهب فترك الضرب في مذنب أهون من ضرب برئ وإن كان فيه فتح باب يعسر معه انتزاع الأموال ففي الضرب فتح أبواب إلى تعذيب البرآء فإن قلت فالزنديق إذا تاب فالمصلحة في قتله وأن لا تقبل توبته وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله١" فماذا ترون


١ أخرجه البخاري – كتاب الإيمان – من حديث ابن عمر كما أخرجه مسلم – كتاب الإيمان عن ابن عمر وأبي هريرة وجابر بن عبد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>