للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"قلت" المسألة في محل الاجتهاد والذي نراه قبول توبته جريا على تعميم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن غاية ظننا فيه أنه أسر الكفار ولسنا على قطع بذلك وقد صادم هذا الظهور بلفظه بكلمة الشهادة العاصمة عن القتل فلا يرجع إليه وهذا الذي رأيناه هو الذي نص عليه الشافعي رضي الله عنه في المختصر وقطع به العراقيون وصححه المتأخرون وخالف فيه بعض الأصحاب واستعجل هذه المصلحة في تخصيص عموم الحديث وزعم الروياني أن العمل على ذلك وفي المسألة أوجه أخر ناظرة إلى ما يقوي الظن

فقال القفال الشاشي لا تقبل توبة المشاهير في الخبث كدعاة الباطنية وتقبل من عوامهم وقال الأستاذ أبو إسحاق إن أخذ ليقتل فتاب لم تقبل وإن جاء تائبا وظهرت إمارات الصدق قبلت وهو حسن وقال أبو إسحاق المروزي لا يقبل إسلام من تكررت ردته فإن قلت رب ساع في الأرض بالفساد بالدعوة إلى البدعة أو بإغراء الظلمة بأموال الناس وحرجهم وسفك دمائهم بإثارة الفتنة والمصلحة قتله لكف شره فما تقولون

قلت إذا لم يقتحم جريمة موجبة لسفك الدم فلا سبيل إلى قتله إذ في تجليد الحبس عليه كفاية شره فليست هذه المصلحة ضرورية فإن قلت فلو كان زمان فترة لم يقدر على تخليد الحبس فيه مع تبديل الولايات على قرب فليس في حبسه إلا إيغار صدره وتحريك داعيته

قلت هذا رجم وحكم بالوهم فربما لا يفلت وتتبدل الولاية والتنقل بتوهم المصلحة لا سبيل إليه فإن قلت إذا توقعنا من الساعي في الأرض بالفساد بتعريض أموال المسلمين ودمائهم للهلاك وغلب ذلك على الظن بما عرف من طبيعته وعادته المجربة طول عمره

قلت قال الغزالي لا يبعد أن يؤدي اجتهاد مجتهد إليه قال بل هو أولى من التترس فإن هذا ظهرت جرائمه الموجبة للعقوبة فكأنه التحق بالحيوانات الضارية لما عرف من طبعه وسجيته ونحن نقول فيما ذكره الغزالي نظر بل الفرق بين هذا ومسألة التترس دعت الضرورة إلى المبادرة بحيث أنا لو لم نبادر

<<  <  ج: ص:  >  >>