للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الثانية أن يكون نقل القولين عن المجتهد في موضعين بأن ينص في كتاب أو في وقت على إباحة شيء وفي آخر على تحريمه فهو قسمان أحدهما أن يعلم المتأخر منهما فهو مذهبه ويكون الأول مرجوعا عنه وذهب بعض الأصحاب إلى أنه لا بد وأن ينص على الرجوع فلو لم ينص في الجديد على الرجوع عن القديم لم يكن رجوعا حكاه الشيخ أبو إسحاق والثاني أن يجهل الحال فيحكي عنه القولان من غير الحكم على أحدهما بالترجيح

قال "وأقوال الشافعي رضي الله عنه كذلك وهي دليل على علو شأنه في العلم والدين"

ش وقد وقع الحالان المتقدمان للإمام المطلبي قدوتنا أبي عبد الله الشافعي ابن عم المصطفى صلى الله عليه وسلم وذلك من الأدلة الواضحة على علو شأنه في العلم والدين في الحالتين أما الدليل على العلم في الأولى فإنه كلما زاد المجتهد علما وتدقيقا وكان نظره أتم تنقيحا وتحقيقا ووقوفا على الأدلة المزدحمة مستقيما وإدراك وجه الازدحام فيها وكيفية الانفصال عنها عظيما تكاثرت الإشكالات الموجبة للتوقف لديه وتزاحمت المعضلات بين يديه

وأما في الدين فلم يكن ممن إذا ظهر له وجه الرجحان صمم على مقالته الأولى ولا قام بنصرتها وشال بضبعها حتى ينادي أولى لك فأولى بل صرح ببطلان تلك واعترف بالخطأ فيها وقصور النظر

وأما الحالة الثانية وهي تنصيصه على القولين في موضعين فدليل على علمه أيضا لأنه مبني على اشتغاله طول عمره القصير بالنظر والمباحث واشتماله على التدقيق في الوقائع والحوادث وعلى دينه لإظهاره الشيء إذا لاح له غير مبال بما صدر منه أولا ولا واقف عند كلام غبي ينسبه إلى التناقض في المقال ولا مرجوح لمذهبه وإن كان ذا القدرة العظمى على ما يرومه واليد الطولى فيما يحاوله وقد عاب القولين على الشافعي من لا خلاق له وأتى بخرف من القول زكاة ونمقة والله لا سواه ولا عدله وذلك لنقصان وقصور وحسد كامن في الصدور

<<  <  ج: ص:  >  >>