وقال في العلماء قولا كبيرا وفاه بألسنة حداد سيصلى سعيرا وأضمر في نفسه من الزابين عن مسألة سيد المرسلين عقيدة لا يغسل السيف عارها ولا يواري الليل غوارها ونحن لا نحفل بكلمة ولا نقول بكلامه ولا نرى أن يشتمل مثل هذا الشرح على مثل هذا الهذيان الذي هو خيال طرق ذا الخيال في منامه ويكتفي بما صنفه أصحابنا قديما وحديثا في نصرة القولين ويخيل العطن على ذهنه والبليد على الوقوف عليها ولكنا نورد أسئلة قد تختلج في الصدور وتعتور بني الزمان فيجد بها الغبي نفثة مصدور فيقول قد علمت صنعة القولين وكيفية وقوعهما فإن قلت التردد في القولين ينبئ عن نقصان النظر عن إدراك الأرجح قلت معاذ الله بل يخبر عن حال ذلك لأن قوة النظر كلما زادت توالت عليها التشكيكات كما عرفت فإن قلت من سبق الشافعي إلى ذلك من المجتهدين وقد كان قبله أبو بكر الصديق وهو أفضل من طلعت عليه الشمس بعد النبيين
قلت الفاروق الذي أعز الله به الإسلام بدعوة النبي عليه السلام حيث نص في الشورى على ستة وحصر الخلافة فيهم تنبيها على أن الاستحقاق منحصر فيهم وأن غيرهم ليس أهلا لذلك ولم يعترض أحد عليه بل اتبعوا رأيه واقتفوا أثره فإن قلت فما فائدة ذكر القولين قلت التنبيه على أن الحق لا يعدوهما وقصر نظر المتمذهب له على التدقيق فيها وعدم الالتفات إلى غيرهما
فإن قلت من جملة أقواله أن يذكر قولين مع الإشارة إلى ترجيح أحدهما وأي فائدة مع التنبيه على الراجح في ذكر المرجوح قلت ليعلم طرق الاجتهاد والاستنباط والتمييز بين الصحيح والفاسد ومخافة أن يؤدي اجتهاد غيره من متابعته إليه ولا يتنبه لفاسده فيتخذه مذهبا وقد عد الأصحاب لأبي حنيفة رضي الله عنه أمثال ذلك فلطالما قال القياس كذا لكني تركته استحسانا وليس لأحد أن يعيب عليه ذلك ولا أن يقول ما فائدة ذكرك القياس مع عدم اعتمادك إياه فإن قلت أي معنى في إطلاق القولين في وقت واحد من غير ترجيح قلت هذا هو الذي لم يوجد معه سوى النذر اليسير
وقد قلنا إنه فيه متوقف وأنه دليل على غزارة العلم والمنتهى في الديانة وفيه