لكونه على وفق الدليل المقتضى لصحة النكاح وإثبات ملك اليمين وهذا هو الصحيح عندي وقولهم الأصل عدم القيد لا يصح مع ثبوت وجوده فإن الأصل بعد ثبوت وجوده إنما هو بقاؤه ومنهم من سوى بينهما وتجري هذه الأقوال في تعارض الخبر المثبت والنافي في خبر الطلاق والعتاق أيضا كخبر بلال دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت وصلى فيه وخبر أسامة لم يصل فيه
ونقل إمام الحرمين هنا عن جمهور الفقهاء ترجيح الإثبات ثم قال وهو يحتاج إلى من يدل تفصيل عندنا فإن كان الذي ينقله الناقل إثبات لفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتضاه النفي فلا يرجح عن ذلك اللفظ المتضمن للإثبات لأن كل واحد من الراويين مثبت فيما ينقله ومثاله أن ينقل أحد الراويين أنه أباح شيئا وينقل الآخر أنه قال لا يحل وأما إذا نقل أحدهما قولا أو فعلا ونقل الآخر أنه لم يقله ولم يفعله فلإثبات مقدم لأن الغفلة تتطرق إلى المصغي المستمع وإن كان محدثا والذهول عن بعض ما يجري أقرب من تخيل شيء لم يجر له ذكر وهذا التفصيل حق ولا يتجه معه خلاف في الحالتين بل ينبغي حمل كلام القائل بالاستواء على الحالة الأولى
والقائل بتقديم الإثبات على الثانية ولا يجعل في المسألة خلاف نعم قد يقال في الحالة الثانية بعدم ترجيح الإثبات إذا كان النفي محصورا كخبر أسامة فإن قوله لم يصل نفي محصور في وقت يمكن نفي الفعل فيه فهذا له احتمال الخامس ترجيح الخبر النافي للحد على الموجب له خلافا لقوم واستدل عليه المصنف بأن الحد مدرء بقوله صلى الله عليه وسلم:"ادرؤا الحدود بالشبهات" وهذا الحديث لا يعرف بهذا اللفظ إلا في مسند أبي حنيفة لأبي محمد البخاري وروى الترمذي: "ادرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم١" ثم صحح أنه موقوف ووجه
١ روي هذا الحديث من عدة طرق باللفظ الأول ابن عدي من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما كما رواه الترمذي والحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها – دون قوله "الشبهات" ولفظه كما في جامع الترمذي ٤/٣٣: "أدرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له فخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" ورواية السيوطي في الجامع الصغي ١/١٤ "ادرؤا الحدود بالشبهات وأقيلو الكرام عثراتهم إلا في حد من حدود الله تعالي" رواه ابن عدي في جزء له من حديث ابن عباس وروي صدره أبو مسلم الكجي وابن السمعان في الذيل عن عمر بن عبد العزيز مرسلا ومسدد في سنده عن ابن مسعود موقوفا