للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكاه القاضي في التلخيص لإمام الحرمين ومنهم من جوزه في أمور الحرب دون الأحكام الشرعية وقد احتج في الكتاب على الجواز بأوجه أربعة وهي دالة على الوقوع أيضا

أحدها:عموم قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار١ِ} وكان عليه هو أفضل الصلاة والسلام أعلى الناس بصيرة وأكثرهم إطلاعا على شرائط القياس وذلك إن لم يرجح دخوله في هذا الأمر فلا أقل من المساواة فيكون مندرجا في الأمر ومتى كان مأمورا به كان فاعلا له ضرورة امتثاله أوامر ربه ووقوفه عندها صلى الله عليه وسلم

وثانيها:إذا غلب على ظنه عليه السلام كون الحكم في الأصل معللا بوصف ثم ظن أو ظن حصول ذلك الوصف في صورة أخرى فلا بد وأن نظن أن الحكم في الفرع مثله في الأصل وترجيح الراجح على المرجوح من مقتضيات بداية العقول ولقائل أن يقول إذا وجب ترجيح الراجح فليمتنع عن العمل بهذا الراجح لقدرته على أرجح منه وهو النص

وثالثها:أن العمل بالاجتهاد أشق من العمل بالنص فيكون أكثر ثوابا فلا تختص الأمة بفضيلة لا توجد فيه

ورابعها:أن العمل بالاجتهاد أدل على الفطانة والزكاة من النص لتوقفه على النظر الدقيق والقريحة المستجادة فلا يتركه صلى الله عليه وسلم لكونه نوعا من الفضيلة واحتج الجبائيان بوجهين أحدهما قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى٢} فإنه دليل على انحصار الأحكام الصادرة منه صلى الله عليه وسلم عن الوحي وأجاب عنه الإمام بأنه متى قال له متى ظننت كذا فاعلم أنه حكمي فالعمل حينئذ بالظن عمل بالوحي لا بالهوى وهذا قد ذكره الغزالي ولقائل أن يقول ليس هذا أمر بالاجتهاد فإنه تعالى لو قال كلما ملكت النصاب وحال عليه الحول أوجبت عليك الزكاة لا يكون هذا أمر بملكية النصاب ثم إن ملكه


١ سورة الحشر آية ٢
٢ سورة النجم آية ٣-٤

<<  <  ج: ص:  >  >>