المجتهدين ليس كل مجتهد مصيبا لأنه إن أصاب فما قاله حق وإن أخطأ فقد أخطأ بعض المجتهدين فلم يكن كل مجتهد مصيبا فنقول الخلاف في أن المصيب واحد إنما هو في مسائل الفروع الظنية كما عرفت أما مسائل الأصول القطعية فالمصيب فيها واحد بلا خلاف ولك في حل هذه النكتة طريقة أخرى فنقول فتلزم أنه مصيب في قوله ليس كل مجتهد مصيبا ولكن لم قلت أنه يلزم من ذلك أن يكون الواقع في نفس الأمر ليس إلا أنه ليس كل مجتهد مصيبا وقولك لأنه مصيب قلنا وكذا خصمه أيضا مصيب بناء على القول بالتصويب فحكم الله في حق هذا أنه ليس كل مجتهد مصيبا أنه في حق خصمه أن كل مجتهد مصيب فهاتان طريقتان في حل هذه الشبهة الأولى على تقدير كونها من مسائل الأصول والثانية على التزام كونها من مسائل الفروع ومن جيد ما استدل به القائلون بأن المصيب واحد اجتماع الصحابة فمن بعدهم للمناظرة وطلب كل واحد من المتناظرين خصمه إلى ما ينصره فلو أن كل مجتهد مصيب لم يكن إلى الحجاج والنظر فائدة وأجاب عنه القاضي بأن التناظر ثابت وأما ما ادعيتموه من غرض المتناظرين فأنتم منازعون فيه ولسنا نسلم أن العلماء إنما تنازعوا ليدعي كل واحد منهما خصمه بل المندوب في طرق الاجتهاد والاحتمال وضوح نص يقطع البحث وغير ذلك قال قيل لو تعين فالمخالف له لم يحكم بما أنزل الله فيفسق ويكفر لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} قلنا لما أمر بالحكم بما ظنه وإن أخطأ حكم بما أنزل الله قيل لو لم يصوب الجميع لما جاز نصب المخالف وقد نصب أبو بكر زيدا رضي الله عنهما قلنا لم يجز تولية المبطل والمخطئ ليس بمبطل
"ش" احتج المصوبون بوجهين أحدهما أنه لو لم يكن كل مجتهد مصيبا لتعين الحكم في الواقعة قبل الاجتهاد وحينئذ فيكون المجتهد المخالف باجتهاده لذلك الحكم حاكما بخلاف ما أنزل الله فيفسق لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ١}