للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والترك لا يكفي فاستويا وفيه نظر قيل لا يصح مع الكفر ولا قضاء بعده.

قلنا الفائدة تضعيف العذاب.

لما قاس الأمر على النهي بالجامع الذي بينه اعترض الخصم وزعم ثبوت الفرق من جهة أن النهي من باب التروك فلا يحتاج إلى النية بخلاف الأمر وإذن يمكن للكافر الانتهاء عن المنهيات مع كفره ولا يمكنه الإتيان بالمأمورات وأجيب عن هذا الاعتراض بأنك إن عنيت بقولك يمكنه الانتهاء عن المنهيات أنه يتمكن من تركها من غير اعتبار النية فكذلك المأمورات وإن عنيت أنه متمكن من الانتهاء عن المنهي لغرض امتثال قول الشرع فهذا حالة الكفر متعذر فاستوى المأمور والمنهي في أن الإتيان بهما من حيث الصورة غير متوقف على الإيمان والإتيان بهما لغرض الامتثال متوقف على الإيمان فبطل الفرق قال صاحب الكتاب وفي هذا الجواب نظر ووجهه أن المكلف إذا ترك المنهي عنه سقط عنه العقاب ولم ينو بخلاف المأمور به فإنه لا يحصل الأجر إذا لم ينو.

واحتج من قال بعدم تكليف الكفار بالفروع بأنها لو وجبت عليهم لكانت إما في حال الكفر أو بعده والأول باطل لامتناع الإتيان بها في تلك الحالة وكذلك الثاني لإجماعنا على أن الكافر إذا أسلم لا يؤمن بالقضاء لقوله عليه السلام: "الإسلام يجب ما قبله" ١ وأجاب المصنف بأن فائدة قولنا إنهم مكلفون بالفروع تضعيف العذاب عليهم يوم القيامة ولقائل أن يقول التعذيب في الآخرة متوقف على سبق التكليف لا محالة ويعود الكلام إلى أن التكليف بها إما في حالة الكفر أو بعده بل الجواب أنا نقول هو مكلف بإيقاع ذلك.


١ حديث الإمام أحمد في مسنده عن عمرو بن العاص ٤/١٩٩, ٢٠٤, ٢٠٥.
ويؤيده حديث ابن مسعود أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ لما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر" صحيح البخاري كتاب استتابة المرتدين ٩/١٧, ١٨ ومسلم كتاب الإيمان باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية ١/٧٧.
كما يؤيد ذلك كله قول الله تبارك وتعالى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} لأنفال:٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>