للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن يسلم ويوقع وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يجب ما قبله" فحجة لنا لأن قوله يجب يقتضي سبق التكليف به ولكن يسقط ترغيبا في الإسلام ومن الدلائل الواضحة على أن الكافر مكلف بالفروع مطلقا ولم أر من ذكره قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} ١ إذ لا يمترى الفهم في أن زيادة هذا العذاب إنما هو بالافساد الذي هو قدر زائد على الكفر إما الصد أو غيره وأما قول الأصوليين الفائدة تضعيف العذاب في الآخرة فصحيح ولم يريدوا أنه لا يظهر فائدة الخلاف إلا في الآخرة وإن أفهمته عبارة طوائف منهم فينبغي أن يخصص كلامهم ويعلم أنه جواب عما ألزم به الخصوم في فروع خاصة لا يظهر فيها فائدة للخلاف فيها كالزكاة ونحوها وقد فرع الأصحاب على الخلاف الأصولي مسائل عديدة.

واعلم أن الأقوال الثلاثة في خطاب الكفار بالفروع أوجه للأصحاب حكاها النووي في أوائل الصلاة من شرح المهذب وسبقه الشيخ أبو إسحق في شرح اللمع فوضح وجه اختلافهم في المسائل التي بنوها حسب اختلافهم في الأصول.

منها ذهب الأستاذ أبو إسحق إلى أنه يجب على الحربي ضمان النفس والمال تخريجا من أن الكفار مخاطبون بالفروع وعزى هذا إلى المزني٢ في المنثور.

ومنها إذا اغتسلت الذمية لتحل لمن يحل له وطؤها من المسلمين فهل يجب عليها إعادة الغسل إذا أسلمت فيه وجهان وفرق إمام الحرمين بين هذه وبين ما لو وجب على الذمي كفارة فأخرجها ثم أسلم لا يجب عليه الإعادة قطعا بأن الكفارة إنما تكون بالمال ولا تخلو الكفارة عن قصد شرعي من إطعام محتاج أو كسوة عار أو تخليص رقبة عن قيد رق وهذه المصلحة لا تختلف باختلاف


١ سورة النحل آية ٨٨.
٢ هو إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني صاحب الإمام الشافعي من أهل مصر كان عالما مجتهدا قوي الحجة له الجامع الكبير والصغير.
توفي سنة ٢٦٤ هـ الأعلام ١/١١٥, ١١٦ وفيات الأعيان ١/٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>