للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل حدث تعلقها بعده فوجب أن يوضع لها اسم لأنها من جملة المعاني التي تمس الحاجة إلى التعبير عنها وهي الأسامي التي تطلق عليها كالصلاة والحج لا مدخل للعرب في إطلاقها عليها إذ وضع الألفاظ مسبوق بتعلق المعاني وهم لم يتعلقوها قبل الشرع ولا خطرت لهم ببال.

وأجاب بأنه إن عنيتم بقولكم ما يعقلوها ولا خطرت لهم لا من حيث المجموع ولا من حيث الجزء فممنوع فإنهم تعقلوها من حيث الجزء كما في الصلاة وإن عنيتم أنه لم يخطر لهم من حيث المجموع فمسلم ولكن لا نسلم أنه لا مدخل للعرب حينئذ فيها فإنه يكون من باب إطلاق الجزء على الكل وهو أحد أنواع المجاز والتجوز كاف هنا لحصول المقصود الذي هو الإفهام به.

قال وبأن الإيمان لغة هو التصديق وفي الشرع فعل الواجب لأنه الإسلام وإلا لم يقل من مبتغيه لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} ولم يجز استثناء المسلم من المؤمن وقد قال تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ١ والإسلام هو الدين لقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ} ٢ والدين فعل الواجبات لقوله تعالى: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ٣.

قلنا في الشرع تصديق خاص وهو غير الإسلام والدين فإنهما الانقياد والعمل الظاهر ولهذا قال تعالى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ٤ وإنما جاز الاستثناء لصدق المؤمن على المسلم بسبب أن التصديق شرط صحة الإسلام.

الوجه الثاني: من وجهي المعارضة وهو تفصيلي وتقريره أن الإيمان في اللغة هو التصديق وفي الشرع فعل الواجبات فتكون الحقيقة الشرعية بمعنى أنها حقائق مبتدأة واقعة وهو المدعى.


١ سورة الذريات آية: ٣٥ ٣٦.
٢ سورة آل عمران آية: ١٩.
٣ سورة البينة آية: ٥.
٤ سورة الحجرات آية: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>