للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الشرع العمل الظاهر وهذا هو التحقيق في انفصال الإسلام عن الإيمان وإن كان كل منهما شرطه الشارع في الاعتبار بالآخر فإن الإسلام عبارة عن التلفظ ولا يعتبر به ما لم يساعده القلب بالاعتقاد والإيمان عبارة عن التصديق بالقلب ولا يكفي ما لم يتلفظ بالشهادتين إذا أمكنه ذلك ويدل على انفصال الإسلام عن الإيمان صريح قوله تعالى في حق المنافقين: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ١ أي والله أعلم إن الذي وقع منكم ليس بإيمان حتى تقولوا نحن مؤمنون وإنما هو إسلام لأنه فعل ظاهر من غير تصديق بالقلب فلا تقولوا آمنا بل قولوا أسلمنا لأنه هو الذي وقع منكم

فإن قلت وقع من المنافقين إسلام

قلت وقع منهم الإسلام باللسان الذي هو غير معتبر شرعا ويجوز أن يقال لم يقع منهم إسلام ويجعل تصديق القلب ركنا في الإسلام شرعا لا شرطا ولكن يعضد الأول قوله تعالى: {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} قوله: وإنما جاز الاستثناء جواب عن قولهم لو غاير الإيمان الإسلام لم يجز الاستثناء المسلم من المؤمنين وتوجيهه أن يقال استثناؤه منه لا يدل على أنه هو وإنما بدل على أنه يصدق عليه كقول القائل ملكت الحيوان إلا الفرس فالحيوان غير الفرس لأنه أعم والأعم من حيث هو مغاير للأخص ومع ذلك فقد استثنى منه لصدق الحيوان إذا عرفت هذا فالصدق حاصل في المؤمن مع المسلم لأن شرط صحة الإسلام الذي هو التصديق وهذا مسوغ لاستثناء المسلم من المؤمن لأنه كلما صدق المسلم صدق المؤمن لكونه شرطه ولا ينعكس بدليل من كان مؤمنا تاركا للأفعال الظاهرة فصحة الاستثناء ثابتة لصدق المؤمن على المسلم ولا يلزم كون المسلم مؤمنا أن يكون الإسلام هو الإيمان فإن الكاتب ضاحك والكتابة غير الضحك والنزاع إنما هو الإسلام مع الإيمان لا في المسلم مع المؤمن ولقائل أن يقول الإيمان على هذا شرط صحة الإسلام والاعتداد به لا شرط وجود الإسلام فلا يلزم أن ينتفي الإسلام بانتفاء الإيمان إلا أن يجعلوا


١ سورة الحجرات آية: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>