للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقي فإذا انتفى بقرينة افتقر صرف اللفظ إلى المجاز إلى تأمل لاحتمال تعدد المجازات ولا يقال اللفظ لا يصرف عن الحقيقة إلا بقرينة وتلك القرينة تهدي إلى المجاز فأين التأمل بعد القرينة لأنا نقول قد تجئ القرينة بصرف اللفظ عن ظاهره من غير تعرض إلى تبيين المقصود مثال تعارض التخصيص والمجاز قول الحنفي متروك التسمية عمدا لا يخل بقوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ١ أي ولا تأكلوا مما لم يتلفظ عليه باسم الله.

وقول الشافعي المراد بذكر الله تعالى هو الذبح مجاز لأن الذبح غالبا لا يخلو عن التسمية فيكون نهيا عن أكل غير المذبوح لأنه لولا ذلك وأولنا كما قلتم للزم تخصيص اللفظ إذا سلمتم أن ذبيحة الناس حلال فللحنفي أن يقول التخصيص خير من المجاز ومن أمثلته أيضا أن يقول الشافعي العمرة فرض لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ٢ وظاهر الأمر الوجوب فيقول المالكي تخصيص النص بالحج والعمرة المشروع فيهما لأن استعمال الإتمام في الابتداء مجاز والتخصيص أولى من المجاز للشافعي بعد هذا أن يقول هذا الترجيح معارض بأنهما قد استويا في السياق فوجب أن يستويا في الحكم والحج واجب إجماعا فيجب الآخر عملا بالأصل المستوي بينهما.

قال العاشر التخصيص خير من الإضمار لما مر مثل ولكم في القصاص حياة.

التخصيص خير من الإضمار لأن التخصيص خير من المجاز لما مر والمجاز مساو للإضمار والأولى من المساوي أولى مثاله قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ٣ فإن الأئمة اختلفوا فيه فقال منهم قائل الخطاب عام اختص بالورثة لأنهم إذا اقتصوا حصلت لهم الحياة بدفع شر هذا القاتل الذي صار عدوا لهم


١ سورة الأنعام آية: ١٢١.
٢ سورة البقرة آية: ١٩٦.
٣ سورة البقرة آية: ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>