به المبالغة لا في اسم الفقه المصدر وقال بعضهم إنها للعهد والمراد جملة غالبة بحكم أهل العرف عندها يصدق الاسم وهذا ليس بشيء.
"ومن التنبيهات" أن قولنا العلم بالأحكام يصدق على ثلاثة أشياء:
أحدها: تصور الأحكام وقد تحيلنا في إخراجه.
والثاني: إثباتها بمعنى اعتقاده أن الله أوجب وحرم وأباح من غير علم بأنه أوجب كذا أو حرم كذا أو أباح كذا وهذا أيضا ليس من الفقه في شيء بل هو من أصول الفقه.
الثالث: وهو المقصود إثباتها معينة لموضوعات معينة وقد عبر بعضهم عن هذا بقوله الأحكام الجزئية وأشار إلى أن هذا لا بد من زيادته في الحد.
"الوجه الرابع قوله الشرعية" يخرج الأحكام العقلية مثل كون فعل العبد عرضا أو حسنا وغير ذلك والمراد بالشرعية ما يتوقف معرفتها على الشرع والشرع هو الحكم والشارع هو الله تعالى ورسوله مبلغ عنه فلذلك يطلق الشارع على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وبما ذكرناه يندفع قول من قال إن الأحكام العقلية شرعية باعتبار أن الله خلقها وأنها تحت قضائه وقدره وقد وقفت على شرح لهذا الكتاب فيه أن قوله الشرعية احتراز عن الأحكام العقلية وتنبيه على أن المراد الأحكام بحسب الشرع لا بحسب العقل كما هو مذهب المعتزلة.
وأعلم أن المعتزلة لا ينكرون أن الله تعالى هو الشارع للأحكام وإنما يقولون إن العقل يدرك أن الله شرع أحكام الأفعال بحسب ما يظهر من مصالحها ومفاسدها فهي طريق عندهم إلى العلم بالحكم الشرعي فليس قوله الشرعية تنبيها على خلاف قول المعتزلة وإن كان قول المعتزلة باطلا ولعله استند في هذا إلى قول الإمام فإنه قال قولنا الشرعية احتراز عن العلم بالأحكام العقلية كالتماثل والاختلاف والعلم بقبح الظلم وحسن الصدق عند من يقول بكونهما عقليين وكلام الإمام هذا صحيح وسعناه أن الحسن والقبح لا يدركان بالعقل عندنا فلا يحترز عنهما وأما عند المعتزلة فيدركان بالعقل وهما حكمان عقليان يحترز عنهما وليس العلم بهما فقها والحكم الشرعي تابع لهما على رأي المعتزلة لا عينهما فما كان حسنا جوزه الشرع وما كان قبيحا منعه