أحدها: أن لا نافية وجرم فعل معناه حق وأن ما في حيزه فاعلة وهذا مذهب الخليل وسيبويه والأخفش فقوله تعالى لا جرم أنهم معناه رد على الكفرة وتحقق بخسرانهم.
والثاني: أن لا زائدة وجرم معناه كسب أي كسب لهم عملهم الندامة فإن ما في حيزها على هذا القول في موضع نصب وعلى الأول في موضع رفع.
الثالث: أن لا جرم كلمتان ركبتا وصار معناهما حقا وكثيرا ما يقتصر المفسرون على ذلك.
الرابع: أن لا جرم معناه لا بد وإن الواقعة بعدها في موضع نصب بإسقاط حرف الجر قال الفراء لا جرم كلمة كانت في الأصل بمعنى لا بد ولا محالة فكثر استعمالها حتى صارت بمنزلة حقا تقول لا جرم لآتينك قال الواحدي وضع موضع القسم في قولهم لا جرم لافعلن كما قالوا حقا لأفعلن وأنت إذا تأملت هذه الأقوال لم ينطبق شيء منها على معنى التعليل الذي قصده المصنف والذي يظهر أن التعليل مستفاد من ترتيب الحكم على الوصف وتصحيح كلام المصنف بأن يقدر فلا جرم أنا رتبناه فإضمار الفاء لإفادة التعليل وتقدير أن واسمها لتوافق موقعها من القرآن أو ينزل الفعل منزلة المصدر ويستغنى عن إضمار أن والتقدير فحقا رتبناه والمقدمة بكسر الدال وفتحها وهو أشهر فالكسر لأنها تقدم الناظر فيها إلى ما بعدها والفتح لأن الناظر يقدمها بين يديه إلى مقصوده هذا في مقدمة الكتاب ومقدمة الدليل أما مقدمة الجيش فلم يجعل الجوهري فيها إلا كسر الدال لأنها تقدم الجيش.
ووجه تقديم المقدمة في أول الكتاب كونه لا بد لكل أصولي من تصور الأحكام والكتب السبعة منها الأربعة التي قدمها الكتاب والسنة والإجماع والقياس كل منها كتاب.
والخامس: الأدلة المختلف فيها وهذه الخمسة هي الأدلة التي تضمنها المعرفة الأولى من أصول الفقه.
والسادس: في التعادل والتراجيح المقصود بالمعرفة الثانية.